هل هو مبدأ صحيح في التعامل مع المتغيرات والاحداث الجارية في السوق، و الدائرة الحكومية، و المدارس، و المستشفيات؟
بشكل فجائي؛ تعلن الحكومة عطلة رسمية، أو ترفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، أو تبرم اتفاقية تجارية مع دولة معينة فتنكشف الاسواق العراقية دون ساتر او رادع أمام السلع والبضائع المستوردة من هذه الدولة بأسعار مغرية، وكذا الحال بالنسبة لقضايا كبيرة واستراتيجية مثل؛ الاستثمارات في مجالي النفط والغاز والطاقة واستخراج المعادن التي لا نعرف عنها أي شيء، سوى كلمات موجزة على لسان المسؤولين المعنيين في نشرات الاخبار عندما يجلسون على طاولة للتوقيع، فما هو مقدار ما يستفيده الشعب العراقي من هذه الاتفاقيات التجارية؟ ثم ما الاستحقاقات المترتبة عليه؟
⭐ الناس تتعامل مع الحكومة كمؤسسة دستورية في الدولة بما تقدمه من خدمات التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء
الناس تتعامل مع الحكومة كمؤسسة دستورية في الدولة بما تقدمه من خدمات التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء، ثم في نهاية الشهر ينزل الراتب ضيفاً على البطاقة الذكية، ثم ليكون صاحب البطاقة ضيفاً عزيزاً على الاسواق والمجمعات التجارية، فالمواطن المستلم راتبه، وأهل السوق المنتظرين رزقهم (ارباحهم) سوية يأخذون الصافي مما تتخذوه الحكومة والدولة من اجراءات وقرارات، ولا يصدعون رؤوسهم بالتفاصيل.
المشكلة تحصل عندما يُصاب دخل الفرد بالعجز وعدم التوازن بين الوارد والانفاق، ولا يتمكن المواطن من شراء البيض والدجاج، والزيت، والرز، وايضاً؛ يعجز عن توفير ثمن العلاج والدراسة والنقل، الى جانب الداء الزمن؛ الكهرباء، والمولدات الأهلية.
أين نواب البرلمان المنتخبون من مدنهم وقراهم وفق قانون الانتخاب الجديد ذو الدوائر المتعددة مما يجعل النائب أقرب الى الناس، وممن وضعوا اصواتهم لصالحه، ليكون مصدر تفسير لاسباب الارتفاع المفاجئ لسعر البيض ـ مثلاً- او حتى سعر الدولار أو شيء آخر يقضّ مضاجع الناس وينغّص عليهم معيشتهم؟
ثم أين دور الإعلام في البحث والتقصّي عن الحقائق، كما يدّعي الكثير ممن يحملون “المايكات” ويتجولون في الشوارع، او من يجلسون في الاستوديهات البعيدة عن الادانة والتهديدات؟
أما من يتحدث عن دور المجتمع في مواجهة غلاء الاسعار والدعوة لمقاطعة البضائع المرتفعة الثمن، فانه لا يضيف على أخلاق المجتمع وتقاليده وآدابه شيئاً مما لديه من تكافل وتعاون ظهرت في أيام الشدّة، كما رأينا في فترة الاغلاق التام بسبب انتشار وباء كورونا، وهذا لن يكُن حلاً جذرياً لشريحة واسعة من المجتمع من ذوي الدخل المحدود المعتمدين على رواتب التقاعد، مع بعض الاعمال الحرة والبسيطة لتوفير الاحتياجات اليومية الضرورية، نعم؛ ربما شريحة معينة لا ترى بأساً في أن “تأخذ الصافي” من الواقع الموجود، فهي تحظى بوارد مالي جيد يمكنها من مواجهة تقلبات الاسعار كونها تنتمي؛ إما لطبقة التجار وأصحاب الرساميل، او الى الموظفين المرموقين في الدولة.
⭐ إبقاء الناس بعيدين عن تفاصيل التحولات المتعلقة بحياتهم اليومية، وتكريس حالة الجهل، او حتى التجهيل، يحمل المسؤولين ذنب انتشار الاشاعات، والمبالغات، والتضليل من بعض وسائل الاعلام
إبقاء الناس بعيدين عن تفاصيل التحولات المتعلقة بحياتهم اليومية، وتكريس حالة الجهل، او حتى التجهيل، يحمل المسؤولين ذنب انتشار الاشاعات، والمبالغات، والتضليل من بعض وسائل الاعلام، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، ممن يبحث عن الإثارة والتلاعب بمشاعر الناس وتوجيهها بما يحقق مصالح خاصة لجماعات سياسية او مؤسسات اعلامية، والأخطر من هذا؛ الإيقاع بين شرائح المجتمع، من هو صاحب حقل دواجن –مثلاً- وبين صاحب بيع التجزئة (بيع الدجاج الحيّ)، وبين المواطن، وخلق حالة من عدم الثقة المتبادلة والقلق بين هذه المكونات الاجتماعية. فلا يوجد شيء اسمه “صافي” إلا بصفاء المياه العَكِرة التي تسببها القرارات الحكومية بشأن السلع الضرورية للناس، لان كما يبدو أن الكثير من أهل الحكم يستمتعون بالتصيّد بالماء العكِر، تاركين الناس التخبّط في هذه المياه دون أن يعرفوا الشَين من الزَين.