الجمال غاية يطلبها الانسان ويسعى اليها وهو مصدر من مصادر الجاذبية منذ اقدم العصور وحتى هذا اليوم، وهذا الذي جعل البشر يبحث عنه، ويعمل من اجله بكل الوسائل وبحسب مقومات كل عصر، لكن اليوم تغيرت معايير الجمال وتشوه الفهم لها فراح فارغي العقول يجرون عدة عمليات لكي يبدوا الاجمل وليس جميلين فقط، ولا اعرف الغاية ربما للتشبه بشخصيات (طاشة) فنان كان او لاعب او عارضة ازياء او غير هؤلاء من النماذج، وهذا هو هوس عمليات التجميل، فماهو مداده النفسي؟ وما هي خسائره بالنسبة للانسان قبالة فوائده اللحظية البسيطة؟
لم يعد في الشكل شيئاً طبيعياً سيما لدى النساء، فحين تنظر الى غالبيتهن تبدو آثار التجميل واضحة، فما بين تغير ملامح الوجه وقصات الشعر وقص اجزاء في الجسم وغير ذلك من العمليات التي لا يليق ذكرها، تغادر المرأة عقلها لتتعلق بأمور تأمل عبرها ان تصل الى مرحلة من الكمال الجمالي الذي يجعلها ذات كعب عالٍ لدى الجميع، او انها مقبولة مجتمعياً على اقل تقدير، والامر خرج عن نطاقه الطبيعي صوب المبالغة فأصبح هوس لاي يقل خطورة عن كل انواع الهوس التي تربك الانسان وتحطم جزءاً كبيراً من قواه النفسية.
⭐ هوس التجميل الذي يضرب بقوة بين صفوف النساء مرض اجتماعي خطير يكلف المرأة ذاتها، والمجتمع هو الآخر يدفع فاتورة هذا الخطر المرضي
هوس التجميل الذي يضرب بقوة بين صفوف النساء مرض اجتماعي خطير يكلف المرأة ذاتها، والمجتمع هو الآخر يدفع فاتورة هذا الخطر المرضي، فقد اصبحت عمليات التجميل مطلب الغالبية من النساء في عصرنا وهاجس يراود الصغيرة و الكبيرة منهن، حيث يعد الاهتمام بالشكل من الكماليات ولكن دون الافراط الذي يخيم على نفوس المهووسين ويسحبهم الى سلوكيات غير منطقية وغير مفهومة مما يسهل علينا الحكم عليها بأنها عمليات طائشة غير محسوبة.
يقول اطباء التجميل في السابق كانت عمليات التجميل للأطفال الذي يولدون لديهم تشوه معين يحتاج الى التعديل والمعالجة حتى يعود شكله للوضع الطبيعي مثل تشوهات الشفة او وجود اصبع سادس في اليد، او بروز الاذن وغيرها من المشكلات الموجبة لأجراء عملية جراحية.
أما اليوم فقد اصبحت نسبة للأشخاص الذين يأتون للجمال فقط ولا يعانون من أي مشاكل خلقية والذين تتراوح أعمارهم ما بين (٢٥_٤٥ ) سنة من كلا الجنسين قرابة (40%) والغلبة للنساء وهذه نتيجة طبيعية على اعتبار ان البعض منهنّ تريد تسويق نفسها بالصورة المثالية وهذه هي طبيعة المرأة وطريقة تفكيرها.
ليس لاحد ان ينكر ان عمليات التجميل تحدث فارقاً في شكل الانسان لكن لو اجرينا مقارنة بسيطة بين الفوائد والخسائر التي يجنيها الانسان او يدفع ثمنها كخسائر، لوجدنا ان الخسائر تتفوق بكثير على المنافع، اذا ان العمليات تمنح المرأة نظارة لمدة اسبوع، اسبوعين، شهر او اكثر من ذلك بقليل لكن هذه النظارة سرعان ما تختفي لتظهر محلها مشكلات صحية مثل بثور الوجه، و تغير الملامح الطبيعية للانسان، واكثرها الماً تلك التي تتسبب في وفاة الانسان كما الحال في عمليات شفط الدهون او النحت على سبيل المثال.
التوجه الكبير للنساء لإجراء عمليات تجميل يأتي بدافع تقليد الشخصيات المشهورة كالفنانين والرياضيين والشعراء، او هوس البعض بتقليد اساتذتهم في الجامعة فيحاولون التشبه بهم من دون التفكير بما يليق بهم، ولوسائل التواصل تأثير مهم في تغيير بوصلة ذوق الناس نحو معيار الجمال لديهم وبذا يفقدون البوصلة ويضيع الذوق ومعه تضيع صحة الانسان ومقبوليته لدى الكثير من الناس سيما ذوي الالباب. في الخلاصة نقول: ان الهوس بعمليات التجميل هو احد افرازات الانحدار في مستوى الذوق العام الذي نتج عن اسباب عديدة لا ينبغي ان تستمر بهذه الشاكلة، لان آثارها مؤذية ولو على المدى البعيد، والافضل الاقتناع والرضا بما كتب واختاره الله لهم، فالجمال من صنع الله وحب الناس هبة الله، فليقتنعوا بما هو مناسب لهم، وأن لا يحاولوا التشبه بالأخرين فالقناعة كنز لا يفنى ومن دونها ستبقى عيون الانسان شابحة نحو السراب.