معاون المدير لمدرستنا حين أكملتُ دراستي في ثانوية العراق المطورَّة، تربويٌ يؤدي وظيفته بكل اخلاصٍ وتفانٍ وحزم.. خرجنا عنه كغيرنا من الطلبة، لكن عرفنا بعد ذلك أنه انتقل الى إدارة ثانوية الذرى الذي تحتضن المتميزين في مدينة كربلاء المقدسة.
التقي به بين الحين والآخر في الحرم الحسيني الشريف، واتابع بصمت نشاطاته، و من خلال صفحات التواصل، واسمع كلمات المديح بحقِّه ممن يتخرج من مدرسته.
نموذجٌ من النماذج الإيجابية الكثيرة في مجتمعنا، و التي ترعى الأجيال الصاعدة.
كتبتُ عنه لا لمدحه، فهو غنيٌ عن ذلك، بل للمقارنة مع مديرةٍ مخطئة، دَعَت عاصياً لله، لمدرسةٍ ابتدائية للبنات، فيفسد عليهم تربيةَ آبائهن وامهاتهن.. فكانت ـ كالعادة – ضجَّة تحرّكت على إثرها جهاتٌ لمحاسبة المديرة او معاقبتها.
أقول: ان هذه القضية ستعالج ـ ان شاء الله-، وسيُحاسب الذي يخون أمانة تربية هؤلاء الأطفال، ويفرِّط في ذلك، لكن المشكلة الأساسية: في هذا النظام الذي يجعل هؤلاء، يتسللون الى المناصب القيادية في المجتمع.
القيادة أمرٌ حساس خطير، بل خطيرٌ جداً، ويجب أن تكون للمجتمع حساسيّة مفرطة تجاه تولّي غير الصالح لها وإلا فسينتج فساداً بحسب حجم الموقع.
ففي مدرسةٍ صغيرة ينتج فساد أخلاقِ الطالبات، وفي بلدٍ بحجم العراق ينتج فساداً عنوان صغيرِهِ 3,700,000,000,000 ديناراً فقط!
ثم: كما أن قيادة “أستاذ جاسم” لمدرسة صغيرة تنتج النجاح تلو النجاح، فإنَّ أمثال “أستاذ جاسم” موجودون في المجتمع، وبوفرة، فلم تعقم الأمهات في بلادنا عن أن تولد الصالحين والمخلصين والكفوئين، وما نحتاجه هو تمكينهم و تأييدهم وتسديدهم، وقبل ذلك الثقافة التي تنتج التمكين والتأييد والتسديد، ففي ذلك الفائدة الكبيرة لهم، ولنا، وللمجتمع ايضاً.
ولكن ما نفعل بمعوقات ذلك، والذي منها “ثقافة صوفية” وأخرى “مثالية” يزهد بسببها الصالحون في قيادة أدنى مؤسسة ؟! في ذلك بحثٌ سأكتب فيه يوماً .. باذن الله.