ضمن برامجها الثقافية والتوعوية، استضافت رابطة «فذكر» لطلبة الجامعات والمعاهد في كربلاء المقدسة، سماحة آية الله السيد عباس المدرسي، ليتحدث اليهم عن أزمة الفكر والثقافة في الجامعات العراقية بشكل خاص، والجامعات في البلاد الاسلامية بشكل عام.
وفي مستهل كلمته؛ توجه سماحة السيد عباس المدرسي، الى الطلبة الجامعيين الحضور بانكم «الحصيلة المثقفة للمجتمع، ومن المفترض أن تكونوا أول من يتلقى نبض المسيرة الثقافية، ويتصدى للتغيير نحو الأفضل في الأمة في تحملكم للمسؤولية»، ثم ذكّر سماحته «أن تقدم المجتمع وتطوره يعتمد على النخبة المثقفة، لكي يكون مسلحاً فكرياً وثقافياً من مخاطر الاستعمار».
وأوضح سماحته: «أن الإستعمار انواع وأخطرها «الاستعمار العلمي»، من حيث تأثيراته على طلبة الجامعات، بسبب ما تنتجه هذه الجامعات، واتباعها للمناهج الاستعمارية، وسيطرتها على عقول الطلاب من قريب ومن بعيد».
واشار سماحته الى سؤال يتعرض له الغربيون، بأنكم لماذا تنفقون على اللاجئين المبالغ الكثيرة؟ وماذا تحصلون بالمقابل؟ وكان جوابهم: «نحن لا نريدهم هم، بل نريد الجيل الثاني منهم، كونه جيلاً فتياً ومثقفاً يستوعب كل ما نريد منهم».
ومن ثم حذر الطلبة الجامعيين من برامج الغربيين المتكوّن من أساسين؛ الأول: الإلحاد، وأطلقوا عليه اسم العلمانية، وهو موقف فلسفي، وليس بعلم، وقال: لقد كذب من أطلق على تيار الإلحاد بـ «العلمانية».
ثم بين سماحته؛ كيفية انتشار الإلحاد، وكيف انهم وضعوا المبلغين لذلك، وذكر أن الدوائر الإستعمارية أصبحت تركز على مقولات تنشرها في بلادنا من قبيل؛ «تستطيع ان تكون مؤمناُ متديناً، أو ملحداً لا متديناً»، وترجموا مقولاتهم الفلسفية بعنوان انها مقولات علمانية، لكنها كاذبة، إذ كلها كلمات الحادية، كما وأن الأحزاب التي تخرجت منهم سُميت بأحزاب علمانية، وهي ليست كذلك؛ كما ان الماركسيين اطلقوا عليها «النظرية العلمية»، فأين نظريتهم من العلم»؟!
وعرّج سماحته على أن الغربيين أخذوا يلبسون كل شيء بلباس العلمانية من أجل الحصول على المقبولية لافكارهم ومناهجهم، كما فعل هتلر الذي جاء بالنظرية العنصرية وأقام عليها دولته، وألبسها لباس العلمانية، فقاموا بنشر كل ذلك في جامعات بلداننا الإسلامية على انها مناهج علمية يدرسونها.
وذكّر بالخطر المحدق بطلبتنا من خلال تسويق اساتذة قد درسوا في الجامعات الأمريكية والبريطانية وغيرها، ولهم كتب ومناهج تحت مسمى (الكتب العلمانية)، بينما هي كتب الحادية تدرس في الجامعات وتأثر بها الكثير من الطلبة في البلدان الإسلامية ولاسيما في العراق.
وقال سماحته: «اعلموا ان طريقتهم الأولى هي الدعايات الكاذبة، وتلبيس الباطل لباس الحق، كما قاموا بإيهام الشعوب المتخلفة بانها تتقدم الى قمة التحضر والتقدم من خلال دعاياتهم الكاذبة، كما فعلوا مع الشعب اليهودي.
وبين سماحته من أن أصحاب نشر الإلحاد لهم طرق يستخدمونها لتمرير فكرتهم، منها استخدام الألفاظ الجميلة، واستخدام التكرار لمؤلفات العلماء اليهود الماضين، لتجديد أفكارهم وتسويقها، بالإضافة إلى نشرهم الفساد الاخلاقي باسلوب «دسّ السم بالعسل».
أما الاساس الثاني الذي ارتكزت عليه مخططات التسويق الفكري والثقافي – يقول سماحته – فهو الفساد والإفساد؛ فهي ظاهرها جميل مثل الثعبان، ظاهره جميل ولكن؛ سمه قاتل فتاك، ربما لا يؤثر عليك، ولكن؛ يؤثر على المحيطين بك، او على نسلك، وعلى تاريخك، وعلى مستقبلك، ثم على آخرتك. ثم دعا سماحته الى موقف شخصي إزاء الفساد، وليس بالضرورة ان يكون موقفاً جماعياً، وقال: «ليكن الفساد منتشراً، والحكومة فاسدة، فمن المفترض أن لا يؤثر هذا على شخصيتي كمسلم متديّن، ولكن لو أنا دخلت في الفساد فهذا يؤثر بي، مثلاً؛ لو كان بجنبي شخص مصاب بداء السرطان فهل هذا يؤثر في جسمي؟! تقول الآية الكريمة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، (سورة المائدة: 105) وبذلك يجب ان نتعرف على الثغرات التي ينفذ من خلالها الإلحاد، فالجهات التي تقف خلف هذا الفكر تسعى لاستغلال شعوبنا لمآربهم ومصالحهم الخاصة، لذا فهم لا يسمحون لهذه الشعوب بأن تتقدم وتتطور علمياً وثقافياً، لذا يجب ان نستغني عن الغرب بعلومنا ومعارفنا حتى لا نكون اسراء لهم».
وفي ختام كلمته، فتح سماحة السيد عباس المدرسي باب الاسئلة على الطلبة الجامعيين الحاضرين حول الموضوع المطروح ومسائل فكرية وثقافية اخرى.