عندما نريد أن نجعل رسول الله، صلى الله عليه وآله، أسوة حسنة، كيف نقرأ شخصية رسول الله، من خلال سيرته و تصرفاته؟
امتازت رواية ائمة اهل البيت، عليهم السلام للنبي، صلى الله عليه وآله، بالطبع التقديسي لانه لا يفعل القبيح، ولايخطئ في اي قضية من مفاصل حياته، مما جعل قلوب الناس تنقاد إليه وتسلم لامره، فأصبح بذلك القدوة، والاسوة الحسنة انطباقا لقوله ـ تعالى ـ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.
- اصل الخلق والنور في ذلك العالم العلوي
عندما أراد الله ـ تعالى ـ أن يخلق خلقا، نطق بكلمة: {كُن}، فكان نوراً محموداً فسماه محمد، وذلك النور امره فانقسم نصفين، فالأول قال له: محمدا، والثاني قال له: عليا، فخزنهما في حقة تحت العرش دهوراً لايعلمها الا الله ـ تعالى ـ.
فعن انس بن مالك، قال: قلت: للنبي، صلى الله عليه وآله: يارسول الله علي اخوك؟ قال: نعم علي اخي، قلت: يا رسول الله صف لي كيف على اخوك؟
📌 اغلب روايات اهل البيت، عليهم السلام، عالجت التشويه الحاصل لشخصية النبي، صلى الله عليه وآله، في المصادر الإسلامية التي تعرضت للتزييف من قبل أعداء الإسلام
قال: ان الله ـ عز وجل ـ خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام، واسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه، تحت العرش، إلى أن خلق آدم فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر، حتى صار في عبد المطلب، ثم شقه الله ـ عز وجل ـ نصفين فصار نصفه في ابي عبد الله بن عبد المطلب، ونصفه في ابي طالب، فأنا من نصف الماء، وعلي من النصف الآخر، فعلي اخي في الدنيا والآخرة، ثم قرأ رسوله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً}.( سورة الفرقان، الآية ٥٤).
هذا كان اصل الخلق والنور في ذلك العالم العلوي النوراني الذي لا يحاط، ولا يدرك كنهه من قبل البشر، ولولا ان منَّ الله علينا بمحمد وآله الطيبين الطاهرين، لما عرفنا من الرواية الشريفة ان ذلك النور صار نورين، محمد وعلي، فكيف يرتبطان في هذه الحياة.
لقد أوضح لنا اهل البيت، عليهم السلام، أبعاد شخصية الرسول، صلى الله عليه وآله، المجتمعية فهو من جمع كل الصفات الخُلُقية من زهد، وصدق، وامانة وشجاعة وكرم، اعترف بها العدو قبل الصديق.
فكان ذلك احد البواعث المهمة على جاذبية النبي، ونفوذه وقاعده الشعبية بين اتباعه، فهو، صلى الله عليه وآله، كان سابقا إلى العمل يجمع الشعارات التي كان ينادي بها.
- روايات اهل البيت في معالجة التشويه الحاصل لشخصية الرسول
اغلب روايات اهل البيت، عليهم السلام، عالجت التشويه الحاصل لشخصية النبي، صلى الله عليه وآله، في المصادر الإسلامية التي تعرضت للتزييف من قبل أعداء الإسلام، وجعلوا القرآن الكريم مقياسا لرواياتهم، وهذا ما عبر عنه الإمام جعفر الصادق، عليه السلام قائلا: ان على كل حق حقيقة، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه”.
وبذلك غيّر النبي، صلى الله عليه وآله، منهاج الحياة القائمة على الجهل، والظلم، فأزال عنها ذلك الكابوس الرهيب واحل محلها العلم، والنور، والحكمة، والامن والرخاء وما أعظم فضله على الانسانية جمعاء.
- المشاهد القرآنية والأحاديث الصادرة عن الرسول الحاثة على الأخلاق الحسنة
اكد القرآن الكريم هذه الحقيقة في بيان فلسفة البعثة النبوية، قال ـ تعالى ـ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. (سورة ال عمران، الآية ١٦٤).
في هذه الآيات أخبر الله ـ تعالى ـ انه بعث النبي، صلى الله عليه وآله، ليزكي عباده، وتزكية النفس تنميتها بالخيرات والبركات اولهما جميعا، وان الهدف العام من نزول القرآن الكريم هو إيصال الإنسان إلى الفلاح، كقوله ـ تعالى ـ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}.
اهتم القرآن الكريم بمكارم الأخلاق وذمَّ مساوءها في آياته المتكررة، كما أثنى القرآن على سيد الانبياء والمرسلين: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، اتخاذه أسوة وقدوة حسنة، فالقرآن الكريم اكد على ضرورة التحلي بالأخلاق الإلهية والتخلي عن رذائل الأخلاق وذمائمها.
- الهدف من البعثة النبوية التحلي بمكارم الاخلاق
هذا معناه ان الشريعة الإسلامية الخاتمة التي جاء بها سيد الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وآله، ذات أُسس أخلاقية تقوم عليها ، إذ ليس من خلق كريم، ولا فعلٍ جميل، إلا وقد وصله بالدين، وسئل رسول الله، صلى الله عليه وآله، ما الدين قال: “حسن الأخلاق”.
وقال، صلى الله عليه وآله: “افضل ما يوضع في الميزان حسن الخلق والسخاء”، وقال: “ان اقربكم من مجلسي او مجالس يوم القيامة محاسنكم أخلاقا، وابعدكم من مجلسي او مجالس يوم القيامه مساوؤكم أخلاقا”.
- حقيقة نجاة الأمة بالثقلين معا
ذلك لأن الحقيقة التاريخية تقول: إن الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، لم يهمل أمته، ولم يترك كلمة من رسالته إلا بلغها لامته وتركهم على المحجة البيضاء، وهو نفس مودَّى ومختصر لحديث الثقلين المتواتر الذي ترويه كتب الامة، وادها رسول الله، في آخر خطبة له في مسجده، وذلك حين حاول البعض التقدم لامامة المسلمين في الصلاة بعد أن فر وهرب مع أصحابه من بعثة أسامة ليلا.
ورغم كل هذه التأكيدات والتحذيرات النبوية من اتباع السنن والطريقة الإسرائيلية في الضلال، إلا أنهم وكأنهم لم يسمعوا، بل كأنه أمرهم باتباع سنن بني إسرائيل فاخذوها وقتلوا هارونهم، الإمام علي وأهل بيته الأطهار، عليهم السلام جميعا، لأجل رجال السلطة القرشية.
يمكن القول: إن الهداية محصورة في الثقلين، الكتاب والعترة،، ولكن سلطة قريش قسمت، وفصمت عرى الدين عندما رفعت شعارها (حسبنا كتاب الله)، في رزية يوم الخميس التي كان بطلها ذاك القرشي الفار من جيش اسامة.
📌 الشريعة الإسلامية الخاتمة التي جاء بها سيد الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وآله، ذات أسس أخلاقية تقوم عليها، إذ ليس من خلق كريم، ولا فعلٍ جميل، إلا وقد وصله بالدين
أي ضلال اكبر وأعظم من وصول أبناء الشجرة الزقومية الملعونة في القرآن الكريم إلى الحكم في الدولة التي حاربوها طيلة عمرها، وما دخلوا فيها إلا لينقضوا عليها من داخلها بالتعاون مع اليهود والنصارى الذين وترهم هذا الدين وسيف فتاه أمير المؤمنين علي، عليه السلام.
كانت السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، اول شهيدة بعد ابيها، وأعظم شاهدة على ضلال الأمة، إذ انها الي اليوم تصرخ باسلامة لتستنهضها وتوقظها من تلك الفتنة القرشية، العمياء المظلمة، وتسألها، لماذا قتلت شابة لم اصل إلى العشرين من عمري؟!
ولماذا دفنت ليلا ولم اسمح لأولىك القرشي ان يحضروا جنازتي!
قول من ضربها على بطنها الصحابي كما يدعون، قال عمر: سمعت رسول الله: أن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حضيرة القدس، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عز وجل”. (بحار الأنوار، المجلسي، ج٤٣، ص ٣٣).
أليست هذه الرسالة التي أرادت سيدة النساء، عليها السلام، ان توصلها إلى أجيال هذه الأمة المرحومة، او التاريخ، والاجيال، والإنسانية، عبر العصور والدهور.
نعم، انها فاطمة الزهراء عليها السلام،، الشهيدة الشاهدة على ضلال هذه الأمة الظالمة.