ما شعور الانسان حين يتعرض لألم أو موقف مؤذي أو حادثة ثم يجد المواساة حين يشعر به إنسان آخر، وحين يتكاتف معه ويربت على قلبه؟
ما هو شعوره إزاء هذه المواساة؟
انه موقف عظيم بكلمة، أو مساعدة مادية أو معنوية.
إنسانٌ لا يصمت على مظلومية شخص آخر، أقصى ما يستطيع أن يقدم من مساعدة، كلمات، هل أنت بخير؟ أو أنا أشعر بألمك، أو أنا أعلم إنك على حق، وإنك مظلوم، يُعد هذا موقفا عظيما من إنسان لأخيه الإنسان، يُثلج الصدر، وقد لا يُنسى.
📌 كل ما قدمه الحسين لله، للحق، وللإنسانية، نراه اليوم دَيناً يعود بهيئة لا تُضاهى في العالم والتاريخ، فللحسين انصار، نِعْمَ الانصار
ماذا لو كان الإنسان المظلوم، و صاحب الحق، من خير الخلق وأشرفهم، إنسانٌ تجسدت فيه معالم الإنسانية الحقّة، إنسانٌ كالحسين، وآخر تجسيد للقيم والمبادئ الحقّة في العالم.
فمشهد المواساة اليوم لإمامنا هو أعظم المشاهد على مر التاريخ التي تؤجج نار العاطفة الإنسانية وأعظم المواقف التي يقدمها الإنسان الآن الذي يتجسد في صيغة عالم أجمع أعظم العبر فالعالم يصرخ: سيدي أنصارك في كل مكان وفي كل زمان.
أيّ مشهد عظيم هذا، و أي حب عظيم كرّمك به خالقك، يا سيدي، و أي قدر عظيم أنت فيه، كل ما قدمه الحسين لله، للحق، وللإنسانية، نراه اليوم دَيناً يعود بهيئة لا تُضاهى في العالم والتاريخ، فللحسين انصار، نِعْمَ الانصار، وللحق مدافعين، وللإنسانية أصحاب، نِعْمَ الأصحاب، فنِعْمَ الأصحاب أصحابك يا سيدي.
لو نطق الكرم بأبهى صوره لنطقت به اليوم كربلاء والعراق والعالم.
كم صورة اليوم نشاهدها؟
و كم عَطِشاً يُروى اليوم؟
مع هذا الوقت بالذات نشهد أياماً شديدة الحرارة، صور الإنسانية صور الطف شريط يعاد بهيئة أخرى نِعْمَ المواساة لإمامنا .
توحد العالم لغات لا نفهمها ووجوه لا نعرفها لا فرق بين غني أو فقير، كبير أو صغير، نعرف الصدق نعرف المحبة نعرف الأخوة، تتصافح الأرواح وتروى القلوب لا عَطشا فقط، بل إنسانية في زمن باتت الإنسانية شبه معدومة، والخوف يعم الأرواح في منازلهم أو خارجها تفتح الأبواب، عربي لغير عربي لا نفهم سوى لغة السلام والحب الإنساني الفطري.
صور الرحمة تتزاحم ومواقف تجعل كل إنسان يجهش بالبكاء لمجرد أن يقدم ماءً باردا لسائرٍ ماشياً على الأقدام تحت حرارة الشمس اللاذعة ويعلو صوته: “هلا بزوار أبو علي .. هلا بزوار ابو علي”، مع زحمة الأيادي الممتدة لشرب الماء لتطفي لوعة عطش القلب، مشيا أياما ولياليا لا يبالي بحرارة الجو أو التعب من طول الطريق والوقت.
أجننا حب الحسين …حقا حب الحسين أجننا .
أين أنت يا حسين من وفرة ماءنا البارد؟
أين أنت يا حسين من انصارك؟
أين أنت من بركة الطعام ؟
رقية، عبد الله، علي الأكبر، أبا الفضل، الرباب، زينب، الحر، عابس، المسن، والمعاق، اليوم كلهم توجهوا الى كربلاء يستقبلهم الحسين يبايعونه ويصافحهم، فلغة القلب أصدق اللغات، ولغة الإنسانية أسهل اللغات لا تحتاج سوى الى قلب نقي ليتخلله الحب الحسيني الإلهي حب الحق ونصرته.
رفض مطلق للباطل بكل أشكاله ووجوهه البشعة وانصار الباطل كذب، خداع، ونفاق اليوم يقتل الباطل ويقتل قاتليك وأهلك الف الف مرة
دموع ليس لها تفسير موقف إنساني لا غير، لا يفهم سوى لغة العشق المقدس إنه العشق المقدس بأبهى صورة.
أسمى ما نعيشه اليوم من الصور إن ما يقدم اليوم على أرض كربلاء من تقديم الطعام والماء والأمن والمنازل والمواساة، وكافة صور المعونة كل ما يحتاجه وما لا يحتاجه ناصر الحسين اليوم هو بدون مقابل لا يحتاج لمردود ولا ينتظر المردود.
هل لاجل الجنة؟ بل إنه لأجل الله، لأجل الحسين، لاجل الحق لإجل احياء الضمير شعور إنساني فطري مطلق ،كم ناصرا لك ياحسين! الفارق فقط الزمن
كم ضحيت لله واليوم كم من الناس ضحى بمرتبه وبراحته وبوقته كل شي يتوقف وواقعة كربلاء تتحدث، نهرا صافيا محملا بالدموع بالمشاعر والعاطفة الإنسانية الجياشة المليئة بالعطاء والرحمة.
واقعة الإنسانية، واقعة العطاء، كم من المسميات نحتاج لنَصف واقعة المشهد الإنساني اليوم، فالرحمة موجودة تتحدث بأعلى الصوت في ضيافة الحسين استشعر فرح الحسين.
📌 في كربلاء اليوم لا نطعم الطعام فقط بل نحيي الرحمة والإنسانية والكرم والمحبة والسلام
في كربلاء اليوم لا نطعم الطعام فقط بل نحيي الرحمة والإنسانية والكرم والمحبة والسلام، تلك الصور التي كادت تكون معدومة، فالرسالات السماوية ممتدة عن طريق الأربعينة تحيي الضمير والعقل وتنعش الإنسانية يداً واحدة، وصوتا واحداً يطرق ابواب وقلب السماء: “لبيك يا حسين لبيك يا لله”. قالها الحسين: “يا رب خذ حتى ترضى”، واليوم نقولها: خذ يا حسين خذ يارب.
نسأل الله أن يبارك في هذا الجمع ونسأل الله التوفيق للجميع وان يديم هذه النعم والشكر للقوات الأمنية ولكل من ساهم في اتمام الزيارة بأمن وسلام.
الشكر الجزيل لكل من ساهم فيما نراه اليوم؛ الماشي، وأصحاب المواكب.
شكرا يا الله شكرا يا حسين.