قال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
هل ان حمل الرسالة وأداء المسؤولية هو حكر على الرجال فقط، أم إن للنساء فيه نصيب؟
في الآية الآنفة الذكر نجد القرآن الكريم يؤكد على أن النساء يعضدن الرجال في العمل الديني الرسالي، فكلٌ من المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يتحملون معاً مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله، وكذلك في آيات أخرى يحدثنا القرآن الكريم عن بعض النماذج من النساء الصالحات اللاتي أصبحن خير اعوان لأولياء الله في أداء رسالاتهم واعمالهم الرسالية.
📌 إذا قرأنا النهضة الحسينية نجد فيها بعض النساء اللاتي قمن بأدوار عظيمة وقدمن تضحيات كبيرة في سبيل نهضة سيد الشهداء عليه السلام
وكذلك إذا فتشنا في التأريخ نجد الكثير من النساء قد تحملن المسؤولية جنباً بجنب مع الرجال، حتى اشتهرت الحكمة التي تقول: “وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة”.
أما إذا قرأنا النهضة الحسينية نجد فيها بعض النساء اللاتي قمن بأدوار عظيمة وقدمن تضحيات كبيرة في سبيل نهضة سيد الشهداء عليه السلام.
ومن تلك النساء اللاتي اشتركن في النهضة وكان لهن أدوار بارزة:
- أولاً: السيدة فاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين)
بدأت مهمتها الرسالية عندما جاء أمير المؤمنين عليه السلام، لأخيه عقيل وقال له أريدك أن تختر لي امرأة ولدتها فحول العرب لتنجب لي ولداً ينصر ولدي الحسين في كربلاء.
فارشده عقيل إلى أم البنين، فخطبها أمير المؤمنين عليه السلام، وتزوجها وقد أوكل لها دور مهم وأساسي في نهضة الإمام الحسين عليه السلام، وهو صنع القادة لنصرة الحسين، وفعلاً قد امتثلت السيدة ام البنين لتلك المهمة وعملت بدورها، فقد انجبت أربعة بنين فأورثتهم الصفات والمناقب الفاضلة التي كانت تتصف بها ام البنين والتي ورثتها من آبائها واخوتها كالشجاعة والوفاء وما أشبه.
بالإضافة إلى ذلك فقد عملت على تربيتهم تربية متكاملة وزرعت في نفوسهم حب الحسين عليه السلام، وحب التضحية في سبيله وعلمتهم على طاعته لا بإعتباره الأخ الأكبر لهم، بل بإعتباره امام زمانهم وولي الله وخليفته في أرضه وطاعته واجبة، وكانت توصي ابنها العباس واخوته بأن لا ينادون الحسين بإخي بل سيدي، فهذا دور أم البنين سلام الله عليها في النهضة الحسينية.
كما كان لها دور آخر ما بعد إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، حيث قامت بدور إعلامي وتعريفي بالنهضة الحسينية وهذا ما كانت تفعله عندما تذهب إلى البقيع وتنوح على الحسين وعلى أولادها الأربعة وتصنع لهم قبور رمزية وتندبهم، كل ذلك من أجل أن تعرف الناس بعظم ما جرى على الحسين وحتى لا أحد ينسى الحسين عليه السلام وينسى قضيته ونهضته.
- ثانياً: السيدة رملة زوجة الإمام الحسن عليه السلام (أم القاسم).
وقد قامت بدور مشابه لما قامت به السيدة أم البنين، حيث إنها وبعد إستشهاد الإمام الحسن عليه السلام وترك أولاده صغاراً ومنهم القاسم، فقد عملت هذه السيدة على تربية ولديها وتهيئتهم لكربلاء، وتأكيداً لذلك ما نقرأه عن يوم العاشر عندما جاء القاسم إلى الإمام الحسين عليه السلام، وهو مرتدي ثياب وعمامة أبيه الحسن ومتقلد بسيفه وطلب الإذن من عمه للقتال، فقال له أرجع يا ولدي إلى أمك، لعلها تكره ان تذهبَ للقتال، فأجابه القاسم؛ يا عم ان أمي هي التي ألبستني ثياب أبي وعمامته وسيفه وارسلتني لنصرتك.
فهذه السيدة قد فدت الحسين عليه السلام بولديها وهما؛ عبدالله الأكبر بن الحسن والقاسم بن الحسن عليهم السلام.
- ثالثاً: أم وهب النصرانية
هذه المرأة النصرانية التي لم يكن لديها سوى ولد واحد وهي للتو زوجته وفرحت به، وعندما التقت بالإمام الحسين عليه السلام، في الطريق هي وابنها وزوجة ابنها وعرض عليهم الإمام الحسين الدين الإسلامي، فآمنوا به وأسلموا على يديه، والتحقوا بالإمام الحسين عليه السلام ليصحبوه وجاءوا معه إلى كربلاء، وقد فدت الإمام الحسين عليه السلام، بإبنها وأمرته بالقتال بين يديه حتى أُستشهد.
- رابعاً: السيدة طوعة
تلك المرأة تعادل ألوف الرجال، فعندما خذل أهل الكوفة مسلم بن عقيل وبقى وحيداً في ازقتها، ووصل الى دار طوعة، آوته وأدخلته في بيتها وقدمت له الطعام والشراب وبات تلك الليلة في دارها، وعندما حاصروه في الصباح وبدأ يقاتلهم، كانت تشجعه وتثير من عزيمته وتشد من أزره، فهي نصرة الحق المتمثل بمسلم بن عقيل وقدمت له الدعم المادي والمعنوي.
- خامساً: السيدة زينب(عليها السلام)
وعلى رأسهن السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام، وما عسانا ان نقول عن زينب، إلا ان نقول انها شريكة الحسين عليه السلام في نهضته، وقائدة قسم النساء في معسكر الحسين عليه السلام، وبعد استشهاد الحسين كانت هي الكفيلة والمحامية عن ما تبقى من أهل بيت الحسين، وحاملت راية نهضة الحسين فيما بعد كربلاء، وهي إعلام النهضة ولسانها الصادق، والمسؤول عن إيصال حقائقها إلى الأمة.
📌ما قامت به بعض النساء في نهضة الإمام الحسين عليه السلام، من أدوار عظيمة يدعونا لأن نتخذت من تلك النساء قدوة لنا (رجالاً ونساءً) في نصرة دين الله ـ عزوجل ـ والدفاع والتضحية من أجل الحق
فما قامت به بعض النساء في نهضة الإمام الحسين عليه السلام، من أدوار عظيمة يدعونا لأن نتخذت من تلك النساء قدوة لنا (رجالاً ونساءً) في نصرة دين الله ـ عزوجل ـ والدفاع والتضحية من أجل الحق، فها هو القرآن الكريم يحدثنا كيف أصبحت بعض النساء مثلاً وقدوةً للمؤمنين، قال ـ تعالى ـ: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
فلماذا لا نتخذ من نساء النهضة الحسينية مثلاً وقدوة لنا في العمل وتحمل المسؤولية الرسالية؟!
وابرز ما نستفيده ونتعلمه مما قامت به تلك السيدات العظيمات هو:
١ – أن نربي ابنائنا على حب الإمام الحسين عليه السلام، وعلى خدمته ونصرة منهجه.
وأيضاً نصرة الحق والدفاع عنه والتضحية في سبيله.
٢ – نربيهم ونعدهم لنصرة وحب امام زماننا الإمام الحجة بن الحسن، عجل الله فرجه الشريف.
٣ – أن نبحث عن الحق ونعرفه ونتبعه وننصره ونضحي من أجله.
٤ – أن نقدم الدعم المادي والمعنوي للمجاهدين والعاملين في سبيل الله، كأن ندعمهم بالمال أو ما شابه مما نملك، وأيضاً نشجعهم ونثني عليهم ونشكرهم من أجل رفع معنوياتهم.
٥ – ممكن لنا جميعاً (رجالاً ونساءً) ان نصبح قيادات في العمل الديني الرسالي ونتحمل المسؤولية.
٦- على النساء وكذلك الرجال عليهم أن يكونوا داعمين إعلامياً للعمل الديني وتقوية الجبهة الدينية، فكل واحد ومن موقعه يستطيع أن يقدم خدمة للعمل الديني وابسط ذلك هو الدعم الإعلامي.