كثيراً من البشر تجدهم يطفون على سطح الامنيات والاحلام، مبتغين الوصول الى الاهداف التي يتخيلونها من دون تخطيط ولا تنظيم، ومن دون بذل ايّة جهود، يشبهون البالون المملوء بالهواء في وسط الماء الى حد بعيد تأخذهم موجة الى الجرف وتعود بهم اخرى الى وسط الماء، ولا يعرفون اين سيستقر بهم الحال والى اين المآل.
📌الافضل أن نواجه الواقع لحل مشكلاتنا الشخصية عن طريق القيام بسلوك أكثر مسؤولية وواقعية، فإن إنكار الواقع كلياً أم جزئياً، يسبب لنا اضطراباً في السلوك
مثل هؤلاء الاشخاص هم الاشخاص غير الواقعيين الذين يرسمون لأنفسهم واقعاً مغايراً غير الواقع الحقيقي مداده الوهم والخيالات، وهو ما يجعلهم ينظرون الى الاعلى كثيراً الى الحد الذي ينسون انهم يسرون على الارض، مما يعرضهم الى التعثر الذي قد يفقدهم جوهر وجودهم، او انهم نتيجة لذلك يبتعدون عن فطرتهم السليمة التي فطرهم الله ـ سبحانه وتعالى ـ عليها.
- من هو الواقعي؟
الواقعي هو: “الشخص الذي يتمتع برؤية متوازنة بنفس القدر وتقييمه لنفسه والعالم الخارجي، و يعرف كيف يتحكم في العواطف، لذلك فهو دائم الحكمة ومتوازن، ودائماً ما يتعذر على المتفائلين والمتشائمين أن يبقوا الوضع برمته تحت السيطرة ووزن وتقييم وتحليل المعلومات”.
- التناقض في سلوك الواقعي
انتبه الى الانسان غير الواقعي ستلحظ انه يقارن نفسه بالآخرين دائماً في الامور التي يريد تحقيقها او تحقيق منفعة مادية، على سبيل المثال يودون الحصول على مال مثل اؤلئك المتمكنين ماديا، بينما يتناسون انهم افضل بكثير من غيرهم في امور اخرى؛ التحصيل العلمي مثلاً، والقبول المجتمعي، والعلاقات، والوظيفة، وغير ذلك من الامور المعنوية التي لم يحصلوا عليها حتى وان امتلكوا اموال الدنيا، وهو بذلك متناقضين وغير منطقيين.
وبحسب الدراسات النفسية فأن عمر الانسان ليس له تأثير في كونه واقعياً ام العكس، فقد تجد شاباً ذو الـ20 عاماً يفترض ان يكون مندفعاً وعينه شابحة نحو المال، والمنزل، والسفر وغير ذلك من الشكليات، لكنه يتعامل مع حياته بعقلنة ودونما تهور او تسرع، بينما تجد احدهم ذو الـ60 عام ولازال يتملكه الهوس للحصول على المزيد ويرى انه لم يحصل على شيء من هذه الحياة بالمقارنة مع اقرانه.
📌 اكثر ما يجعل الانسان ناجحاً في حياته هو تركيزه على الحاضر بوصفه جزءاً من الواقع وليس على المشاعر والامنيات
الافضل أن نواجه الواقع لحل مشكلاتنا الشخصية عن طريق القيام بسلوك أكثر مسؤولية وواقعية، فإن إنكار الواقع كلياً أم جزئياً، يسبب لنا اضطراباً في السلوك، فمثلاً الخوف هو تشويه للواقع والاكتئاب هو هروب من الواقع، وأن الجنوح هو خروج على الواقع، وجميع السلوكيات او فلنقل اغلبها سيما تلك التي تتعلق بمحاولة الخروج عن المألوف بطرق غير شرعية، هي محاولات لتغير الواقع او عدم الاعتراف به لكن المصير الفشل والضياع ولا مناص من الانصياع للواقع ومحدداته وضوابطه.
- كيف يدرب الانسان نفسه على الواقعية؟
ثمة تمرينات يمكن ان يمارسها الانسان ويعتاد عليها ليكون اكثر واقعية ولا ينجرف مع الرياح الوهمية ومنها:
- لابد من ان يكون الانسان متغلباً على نقاط ضعفه؛ ومنها سيطرة عواطفه على سلوكياته، وبالتالي يضبط سلوكياته غير المنضبطة، والعادات السيئة التي تدمر الوعي بالنسبة للانسان وترهق جسده طلباً لموقع بعيد المنال او ان الحصول عليه مستحيل.
- من الاهمية بمكان ان نتقبل الحقيقة التي نحن عليها ممارسين اساليب توصلنا لهذا التقبل، ومنها التحليل الواعي، وعدم الاستسلام للخداع، والصور المشوهة التي تصلنا احياناً من الدماغ نتيجة عدم وصولنا الى مرحلة عالية من النضج وبالتالي قد نكون عبيداً للأفكار الخاطئة.
- حين يكون الانسان متمكناً من إدارة نفسه بعيداً عن افكار واحكام الاخرين ومقاومتها، يمكنه ان يكون سعيداً ومطمئناً، والعكس هو الصواب من دون شك.
- من الجميل ان يتخذ الانسان مكاناً له يشعره بالراحة، فليس صحيحاً بأن يكون متشائماً جداً، ولا متفائلاً جداً، بل عليه ان يكون واقعياً ومتفهماً وعارفاً الى اي نقطة هو متجه في حياته.
- اكثر ما يجعل الانسان ناجحاً في حياته هو تركيزه على الحاضر بوصفه جزءاً من الواقع وليس على المشاعر والامنيات، غير ان هذا لا يعني مطلقاً ان لا تكون لدينا امنيات، بل يعني اننا يجب علينا ادارك العالم الحقيقي وأن نفهم أن حاجاتنا التي يجب أن تشبع في إطار القيود التي يفرضها العالم عليه وان استطعنا تكسير القيود من دون شذوذ فلنا اجر ذلك ولا اثم علينا او حساب.
- اذا اراد الانسان ان يطمح الى الافضل فليس محرماً عليه لكن يجب ان يكون طموحه مناسب لقدراته وادواته التي هي وسائل بلوغ ما يصبو اليه، كل هذه الامور او التمرينات اذا تقيد بها الانسان حينها يمنه ان يبقى واقعياً ومطمئناً.