من الامور المجتمعية المؤسفة ضعف (الثقافة الاقتصادية) عند طبقة كبيرة من الناس، مما يجعلهم غير قادرين على التصرف الصحيح في اموالهم، او يجعلهم عرضة للخداع والاحتيال، فيقدمون على خطوات كأنهم يريدون حرق اموالهم!
وهذا ما لاحظته في هذه الايام بالتحديد حيث راسلني عدد غير قليل، يسألوني في جواز معاملاتٍ معينة، هي – بحد علمي- في اصلها احتيال لا اكثر: بدءاً من ربحهم في مسابقات لم يشاركوا فيها اصلاً مروراً بالدولارات المجمدة وغيرها.
ومع ان بعض من راسلني اشخاص محترمون من الطبقة المثقفة، لكن انطلت عليهم تلك الحيل المعقدة والمتطورة، فالمجرمون والمحتالون يخترعون دوماً اساليب جديدة للسطو على قوت البسطاء.
📌على كل انسان ان يتثقف ثقافة اقتصادية ليس فقط من اجل معرفة كيف يكتسب الثروة، بل وايضاً كيف يحافظ عليها من التلف والسرقة والابتزاز، ثم كيف يصرفها في معيشته بلا سرف ولا سفه ولا سذاجة
وهذا الضعف، يرجع في جزء منه الى غفلة التعليم الاكاديمي عن معالجة هذا الجانب، وقد درستُ شخصياً في تلك الصفوف (20 سنة) فلم اتعلم معلومة اقتصادية واحدة، وما عندي الان كمواطن مصدره التثقيف والتجربة الذاتية ـ وبعض التجارب مُرّة-
وهذا ما يذكره روبرت كيوساكي مؤلف كتاب (الأب الغني والأب الفقير) حيث يقول – بما مضمونه-: ان مدارسنا لا تعلمنا عن مفاهيم مثل: الثروة، البورصة، الاستثمار، الادخار، فيكون التلاميذ عند تخرجهم اميين في تعاملاتهم الاقتصادية.
للسيد الوالد رأي فقهي لطيف يذكره في (فقه المعاملات) حيث يذكر ان (تحصين المال) من واجبات الانسان والمجتمع، ويعلقه على فروع ثلاث:
1-على كل انسان ان يتثقف ثقافة اقتصادية ليس فقط من اجل معرفة كيف يكتسب الثروة، بل وايضاً كيف يحافظ عليها من التلف والسرقة والابتزاز، ثم كيف يصرفها في معيشته بلا سرف ولا سفه ولا سذاجة.
2-على العلماء والمفكرين، وعلى اجهزة الاعلام المختلفة، أن تجعل التثقيف الاقتصادي جزءاً من البرامج التوجيهية العامة.
3-على الانظمة الرشيدة، أن تراقب بدقة اساليب المافيا في ابتزاز الناس اموالهم لتكافحها، وتشجع على الادخار والاستثمار وترشيد الصرف، والتوازن بين دخل كل فرد واستهلاكه. (فقه المعاملات/ فقه الحياة الطيبة، ص57).
الاقتصاد عصب الحياة، واهمال (الامية الاقتصادية) سواء في ادوات صناعة الثروة او وسائل الحفاظ عليها وتحصينها خطأ كبير لابد من معالجته.