تقول احدى صديقاتي: “حين كنت صغيرة في المدرسة الابتدائية، تطلب الادارة منا اخبار الاهل بالحضور لاجتماع اولياء الامور وفق الموعد المقرر له، وكانت تؤكد عليه، ولان والدي غير موجود كونه يؤدي الخدمة العسكرية، فأمي هي من يجب عليها تلبية الدعوة، وبحكم درجاتي المتدنية التي اخشى ان تعرفها امي، ومسؤولياتها الكبيرة، لانها ترعى اطفالا صغارا، لم اكن اخبرها عن موعد الاجتماع، وحين تسألني انكر ذلك فتستسلم ولا تتابع الامر، اما للمعلمة فكنت اخبرها ان والدتي مريضة واتخلص من هذا العبئ الثقيل الذي اكتشفت اني لم اتخلص منه، وانما تبعاته رافقتني في جميع مراحل حياتي.
نعم؛ لو كانت هناك متابعة لاكتشفت امي من خلال نقاشها مع المعلمة اني اعاني من ضعف شديد في حاسة الابصار والتي كانت سبب فشلي الدراسي، لو كانت حضرت امي لعرفت اني اتعرض للتنمر والسخرية من الطالبات وبعض المعلمات، لاني لا استطيع رؤية ما مكتوب على الصبورة بشكل جيد.
هذا الامر جعلني اشعر بالضعف، وأنّي عديمة الفائدة بشيء، وسبّب لي انطواءً على النفس، وقلة اختلاط، وتنازلات كثيرة اقدمها في سبيل حصولي على جلسة مع طالبات الصف”.
📌 العلاقة بين ذوي الطلبة والمؤسسات التعليمية كافة يجب ان تتسم بالاستمرارية والمشاركة
قصة صديقتي استوقفتني وفتحت امامي باباً جديداً للكتابة حول اهمية العلاقة بين الاسرة والمدرسة، وكيف نجعلها تكاملية لما فيه مصلحة الطفل.
العلاقة بين ذوي الطلبة والمؤسسات التعليمية كافة يجب ان تتسم بالاستمرارية والمشاركة، هناك مدارس تحرص على أن تُسلِّم تقارير أسبوعية أو حتى شهرية لأولياء الأمور كي يتابعوا مسيرة أبنائهم التعليميَّة، ولكن الأمر بحاجة إلى مزيدٍ من التواصل، ويكون من خلال دمج الأسر في فعاليات مشتركة تكون ضمن الأنشطة المدرسيَّة ينظمها الطرفان، تحقيقًا لهدف العملية التعليمية المنشودة، العلاقة إذن ذات اتجاهين، الأسرة عليها أن تتكامل مع مؤسسات التعليم في المجتمع والعكس صحيح.
هذه العلاقة تعتمد على إدراك واقعي أن ولي الامر والمعلم قادران على المشاركة التكاملية من أجل تحقيق تعليم أفضل للطفل.
المنزل هو الأساس للتلميذ؛ لأنه يُثري حياته الثقافية من خلال وسائل المعرفة، والمدرسة هي التي تحتضنه بالتربية والتعليم بالشكل الذي يتناسب مع قدراته ومهاراته وفق ما يتطلبه المجتمع.
هذا التعاون مطلوب في علاج المشكلات التي يتعرض لها الطالب، خاصة تلك التي تؤثر في شخصيته، حيث يوفر فرصة مهمة لتبادل الرأي والمشورة في بعض الأمور التربوية والتعليمية التي تنعكس على تحصيله العلمي، ويسهم أيضا في رفع مستوى الوعي التربوي لدى الأسرة، الامر الذي سيساعدها في فهم نفسية الطالب، وحمايته من الانحراف.
المدرسة لا تقل أهمية في دورها عن الأسرة، فهي تشاركها مسؤولية إعداد الناشئة واكتشاف مواهبهم وقدراتهم وتنميتها، ولكي يتم التفاعل بين المنزل والمدرسة لابد أن يتفهم كلاهما عمل الآخر وطبيعته.
- أسباب كثيرة تقف وراء ضعف التعاون بين البيت والمدرسة، أهمها:
1- انخفاض المستوى التعليمي لبعض الأسر وعدم إدراك دورها الحقيقي في التربية.
2- وجود مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية تشغل الاسرة.
3- انشغال أولياء الامور عن متابعة الأبناء في البيت أو المدرسة .
4- قلة التثقيف الإعلامي عن اهمية هاتين المؤسستين في تنشئة الطالب في مختلف مراحل حياته.
5- إلقاء مسؤولية تربية الأبناء على عاتق المدرسة وحدها.
6- خوف أولياء الأمور من مواجهة سلبيات أبنائهم من قبل المدرسين .
7- عدم وضع الية محددة للمتابعة مع اسر الطلبة من قبل المدرسة.
- اذن ما هو السبيل لترسيخ الشراكة بين البيت والمدرسة؟
1- الحرص على تفعيل مجالس الآباء والمعلمين بصورة مستمرة.
2- تخصيص برنامج لأولياء الأمور للتعرف على مختلف الأنشطة التي تقدمها المدرسة لأبنائهم.
3- تنويع المدرسة لسبل الاتصال بالوالدين، بالاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، بإنشاء مجموعات عليها لكل مدرس، أو تخصيص رقم هاتفي، يتم من خلاله ارسال رسائل قصيرة عن غياب الطلبة أو عن مستواهم.
4- تكريم أولياء الأمور المتميزين المتواصلين مع المدرسة بشكل مستمر وإيجابي.
5- تفعيل دفتر المتابعة اليومي والتقرير الشهري.
في نهاية المقال أقول: إنّ دور الاسرة مهم جدا وكبير في تهيئة ابنها للدخول الى المؤسسة التعليمية، وتدريبه على مهارات الحياة التي يحتاجها ليتجاوز بها المواقف التي تحدث معه بشكل يومي لاسيما في تعامله مع اقرانه في المدرسة.
وواجب المدرسة ان تلبي طموح الاسرة بعودة ابنها اليها وهو ملم بالمادة العلمية المقدمة له تحت لواءها على اقل تقدير حسب رأيي الشخصي بنسبة 80% ، خصوصا للصفوف الابتدائية الاولى، وكلما نتدرج بالصفوف صعودا تقل تلك النسبة لتصل الى 50%، ليتحمل الطالب جهد تعلمه واجتهاده.
📌 المدرسة لا تقل أهمية في دورها عن الأسرة، فهي تشاركها مسؤولية إعداد الناشئة واكتشاف مواهبهم وقدراتهم وتنميتها
العلاقة التكاملية تحتاج الى ركائز ثلاث؛ المدرسة، الطالب، الاسرة، إن فُقدتْ واحدة منها وانعدم التوافق، هنا يرنُّ جرس الخطر بفقدان الهدف الاساس الذي وجدت من اجله المؤسسة التعليمية، وهو نشر العلم والمعرفة في المجتمع بشكل رصين.