في أول قدم لعلي بن ابي طالب في رئاسة الوزراء سارع بالكشف عن عدة وثائق خطيرة ومهمة تثبت تورط معاوية بن ابي سفيان بمعية رئيس هيئة الإعلام والاتصالات آنذاك؛ عمر بن العاص، بالفساد المالي والإداري وحتى الاخلاقي، وفتح تحقيق بقضية مقتل عثمان (الضحية التي تاجر بها برلمان معاوية)، وكشف –عليه السلام- عن كومشنات، وسبائك ذهب، واراضي، و ولايات، و أموال من ممتلكات الناس، بل والاجيال اللاحقة، تم الاستيلاء عليها من قبل هؤلاء بعد مصرع عثمان بن عفان الخليفة الثالث الذي منحهم نفوذاً في مرافق الدولة بشكل غريب.
في احدى اهم النقاط التي جاءت في الوثائق، التي وقعت بيد علي؛ أن معاوية محمي من المساءلة القانونية! و دور ابن العاص، إنهاء أي محاولة استجواب من هذا النوع! بزعم ان عثمان قد وضع خطاً أحمراً حول معاوية اثناء توليه الشام والاردن وفلسطين وحمص اخيراً. و لـ “خدمته الجهادية” التي قضاها هناك! بخلاف علي الذي كان يعزل كل من يقوم بتوظيف الولاية للمكاسب الشخصية او الاسترزاق، لكن لا إعلام هنا ينقل للناس الحقائق، فقط إعلام السلطة كان سائداً، وهو الاقوى طبعاً. فاستغل معاوية ضعف علي إعلامياً، و حاول ارضاخه بسلاح “الخط الأحمر” أو “القداسة”، ولو أن عشرة إعلاميين حقيقيين فقط ساندوا علياً في كشف الحقائق؛ عشرة صحفيين مهذبين وقالوا لمعاوية “من أين لك هذا”، هل كان يجرؤ معاوية على اتهام علي، ولو بسرقة دجاجة مثلاً؟! أو أن يشوه صورته إعلاميا؟
لم يكن معاوية ليعتقل الصحفيين، ولا ينفذ حكم الاعدام بحقهم، بل كان سيرضخ لهم خوفاً من الحقيقة، لكن أحداً لم يفعل، حتى اولئك الذين كانوا يكتبون ضد معاوية، ربما نكتشف الآن أنهم كانوا يكتبون بوحي وحماية أمناء السلطة الشامية، ممن كانوا ينافسون معاوية على السلطة خفية!
تمكن معاوية من إفراغ الساحة اجتماعياً وسياسياً وحتى عشائرياً، حول علي بن ابي طالب، حتى يتجرأ شخصٌ مثل عبد الرحمن بن ملجم، وبعد ان تأكد أن لا ظهر يحميه، فاستسهل عملية اغتياله، وإلا من كان يجرؤ على ضرب علي؟! هذه احدى أهم اسباب اغتياله، عليه السلام، الإطاحة به جسدياً.
أما الإغتيال الثاني فكان ثقافياً وفكرياً في وقتنا الراهن، وهذا النوع من الاغتيال تبناه جملة وتفصيلاً، “الداعية العقرب”، ابن تيمية الذي قدم للصحافة والاعلام، وللتاريخ صورة كاذبة عن علي بن ابي طالب، من خلال تحليلاته التي نوهت، وبشكل عام و واضح، على أنه، عليه السلام، لم يكن سوى طالب دنيا، ومنصب ومثيراً للفتن!! وإلا لماذا يشتمه خبراء السياسة ومراجع الدين آنذاك، ويحاربونه ويلعنونه احياناً؟ هكذا يستفهم ابن تيمية، بسؤال استنكاري. ولأن الصحابة حاربوا علياً، إذن؛ علي ليس على صواب!
آلاف المتلقين، والكتاب، والمثقفين، ودعاة الدين، على خط ابن تيمية، وجدوا في هذا دليلاً كافياً على عدم أحقية علي بن أبي طالب، حتى في الصحبة من رسول الله! وليس فقط الخلافة والمرجعية وقيادة الامة.
لقد استخدم اسلوب الحقارة الأخلاقية، ونشر الكراهية لاغتيال فكر علي، وسلوكه ومنهجه، فجرده من كل منقبة وفضيلة، محاولاً تصفيته من أذهان مليار مسلم.
هذه؛ باختصار قصة الصراع بين علي الحق، ومعاوية الباطل، فالمسألة ليست “عركة”، ولا “فزعة”، وليست قضية يمكن أن تختصر بهاشتاگاتات عابرة، و نواح، انها قضية مبدأ وشرف ورجولة و أخلاق، وقيم أخرى لن نراها في التاريخ اذا سُمح بإرضاخ علي.
علي بن ابي طالب، نشر باسمه، وبصفحته، وصورته، وشحمه، ولحمه، معلومات موثقة، تحقق منها وهو ابو الحقيقة، و أثبت من خلالها إدانة كبار المتورطين من أشباه رجال الدين، ومن رجال السياسة، لكن القضاء والاعلام الذي يديره معاوية، وابن العاص، وابن تيمية ايضاً، يريد معاقبة علي بحجة شقّ عصا المسلمين، و ذات الاعلام سيعاقب أي شخص يحاول أن يخرج عن الأدوار المعدّة له، وعلى طريقة “عبرة لمن يعتبر.
لا يريد هؤلاء وأحفادهم، أن يحقق أحد او يستقصي عن الحقائق شيئا، ما يراد هو أن تدس رأسك بين الرؤوس وتهتف للقائد الجبان، وإلا فأنت خارجي تريد الفرقة، كما حصل في زمن أحد اعضائه؛ عمر ابن العاص، وابن تيمية، وعجل السامري.