حين يواجه الانسان مشكلة ما او يراد منه اتخاذ قرار مهم في حياته يحتاج الى ان يتمتع بكم كبير العقلانية، والهدوء والتروي، كما الذكاء، للتعامل مع الموقف بنجاح وحنكة، وهذه الاستراتيجيات التي تفترض ان تحل في المكان والزمان المناسب، تشكل في مجموعها (الحكمة).
فما الذي يجعل الانسان حكيماً؟
وهل للجانب المعرفي او المستوى التحصيلي العلمي دور في تشكل الحكمة، ام ان المواقف الحياتية هي من تجعل الانسان حكمياً أم العكس؟
وماذا يحصل في حال غاب او غُيّب صوت الحكمة؟
- ما هي الحكمة من منظور علم النفس؟
يُعرّف علم النفس الحكمة على انها: “وصف علماء النفس سيكولوجية الحكمة باعتبارها حكماً ونصيحة جيدة في الأمور الصعبة وغير المؤكدة في الحياة، على أنها البحث النفسي عن المسار المعتدل بين التطرفين، وديناميكية بين المعرفة والشك، والانفصال الكافي عن المشكلة المطروحة، والتوازن الجيد وتنسيق العاطفة والتحفيز والفكر”.
- ماذا لو غابت الحكمة من حياة البشر؟
حين تغيب الحكمة من حياة الناس يغيب منطق العقل ويحل منطق الحيونة واللامنطقية فتنحسر القيم الانسانية السامية او ربما تغيب، ومن اكثر الامور التي تغيب حين يغيب صوت الحكمة، هو فقدان الناس للتواضع الفكري، والاستبطان، وبُعد النظر الذي يتصف الحكماء من القوم.
📌 حين تغيب الحكمة من حياة الناس يغيب منطق العقل ويحل منطق الحيونة واللامنطقية فتنحسر القيم الانسانية السامية او ربما تغيب، ومن اكثر الامور التي تغيب حين يغيب صوت الحكمة، هو فقدان الناس للتواضع الفكري، والاستبطان
في حياتنا نرى ان بعض كبار السن لديهم طريقة في التعامل مع المستجدات الحياتية، بصورة تجعل المحيط يشخص فارقاً في التعامل مع باقي الافراد في المجتمع، والملفت ان هؤلاء الاشخاص ليس لديهم مستوى علمي عالٍ، لكنهم مثقفين مجتمعياً ومتفهمين للحياة ومجرياتها نتيجة للخبرة التي اكسبتها اياهم الحياة ومصاعبها ومصائبها.
ومن الخطأ ان يعتقد الكثير من الناس ان الحكماء هم كبار العمر فقط لكن الواقع يقول يخالف هذه القاعدة الخاطئة، اذا اننا نرى الكثير من هم في مرحلة الشباب ولديهم قدر عالٍ من الحكمة، وبذا نستطيع القول ان الحكمة تبدأ في منتصف العشرينيات وتبلغ اوجها عند حوالي 75 عامًا، فبشكل عام لا يبدو أن التقدم بالعمر يعتبر ضروري أو كافي للحكمة وتحسينها، بل عدد التجارب ونوعها والكم المعرفي له من الاثر في وجودها في شخصية الانسان.
رغم تأكيدنا على اهمية التجارب الحياتية في اكتساب الحكمة غير انه هذا لا يعني ان الحكمة تأتي من خلال التجربة فقط، فالتجربة في حد ذاتها لا تمنح الحكمة بشكل مباشر، حيث يستمر الأفراد في سبر العمليات المعرفية والعاطفية التي تحوّل التجربة إلى حكمة بمعنى المعرفة لحيثيات التجربة هي من تذكي الحكمة وتدعم اساساتها.
📌 من الخطأ ان يعتقد الكثير من الناس ان الحكماء هم كبار العمر فقط لكن الواقع يقول يخالف هذه القاعدة الخاطئة، اذا اننا نرى الكثير من هم في مرحلة الشباب ولديهم قدر عالٍ من الحكمة
التجارب المعقدة التي يعيشها الانسان تنمي وتطور المعرفة لدى الافراد لكنها لا تمنح الحكمة تلقائيًا، اذ تشير كل من الأبحاث النفسية والمراقبة السريرية إلى أن الأشخاص الذين يعملون على معالجة الصعوبات، واشتقاق المعنى منها، والسماح لها بتحفيز التغيير، هم الأشخاص الذين تؤدي بهم المصاعب إلى ان يكونوا حكماء بالمقارنة بالأشخاص الذين لا يواجهون الصعوبات.
خط الحكمة يتطور تدريجياً حتى يصل صاحبها الى شخص معتاد على التفكير بعناية وتأني في المواقف، يعطي وقتاً للتفكير، يقف كثيراً قبل ان يصدر منه قراراً ليتخذ القرار الاكثر صوابية وفي النهاية يصبح حكيماً.
- تأثير الحكمة على في حياة الانسان:
تعمل الحكمة في نفس الانسان على إحداث التوازن اذ يسلك الافراد ذوي الحكمة سلوكيات تبقيهم منسجمين مع محيطهم وملبيين لاحتياجات الصالح العام، وملبيين لأهدافهم الخاصة ايضاً، كما انهم وفق مفهوم التوازن يسعون لتحقيق الانسجام بين المطالب والأهداف المتنافسة، بمعنى ان الحكمة تستدعي فهم توجهات وميول غيرهم، بدلاً من مجرد الحكم على سلوكهم، بالإضافة إلى تعزيز التفاهم واحترام الآخرين.
في الخلاصة نقول ان الحكمة ليست فطرية بل يتم اكتسابها في معامل التجارب الحياتية، والتربية السليمة، والبيئة الصحية، فيصل الانسان نتيجة هذه العوامل الى اعلى مراحل القدرة على التحمل والبقاء في المحيط الهادئ وعدم السماح للنفس بالرحيل المتهور مع اهمية المحافظة على ضبط النفس في المواقف الحرجة… وتلك هي الحكمة يا سادة.