لم تكن فكرة هدم أضرحة الائمة الطاهرين، عليهم السلام، وليدة اليوم، وإنما هي فكرة سنّها العباسيون وعملوا بها، ففي عام (193هـ/809م) قام الخليفة العباسي هارون الرشيد بهدم قبر الإمام الحسين، عليه السلام، وهدم الدور المجاورة حوله، وكانت هناك سدرة عند القبر فأمر بقلعها وحرث موضع القبر ومحى أثره. وبعد موت الرشيد مباشرة بُني القبر مرة أخرى في زمن الأمين وبدأ الناس يسكنون حوله من جديد وبقي هذا البناء مدّة أربعين سنة حتى زمن المتوكل.
وتشير المصادر إلى عهد المتوكل كان من أكثر العهود الإرهابية التي مرّت على الشيعة، وأقسى العهود المظلمة التي مرّت على القبر الشريف، يقول أبو الفرج الأصفهاني: “وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم، فبلغ بهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك كرب قبر الحسين (عليه السلام) وعفى آثاره، ووضع على سائر طرق الزوّار مسالح لا يجدون أحداً زاره إلا أتوا به فقتلوه أو أنهكوه عقوبة”. (مقاتل الطالبيين ص 203 ــ 204).
📌 بعد أن فشل الاعداء مباشرة في مجابهة الشيعة خصوصا في موضوع قبور الائمة، عليهم السلام، بعد فشلهم، عمدوا الى الاستعانة بمعاول الهدم من الداخل الشيعي نفسه عبر من يدّعي التشيع كذبا
والتسلسل التاريخي يقودنا الى الحملة الوهابية التي هجموا فيها على كربلاء المقدسة، وعاثوا فيها فسادا، وحاولوا حينها حرق ضريح الإمام الحسين، عليه السلام، إلا أنهم فشلوا وعائدوا خائبين، إلا أن مراقد أهل البيت، عليهم السلام، في السعودية لم تسلم من التهديم خصوصا قبور أئمة البقيع.
⭐ الاستعانة بالمعول الداخلي
بعد أن فشل الاعداء مباشرة في مجابهة الشيعة خصوصا في موضوع قبور الائمة، عليهم السلام، بعد فشلهم، عمدوا الى الاستعانة بمعاول الهدم من الداخل الشيعي نفسه عبر من يدّعي التشيع كذبا.
فالصرخية ـ مثلا ـ لم تنادِ من البداية بهدم قبور الائمة الطاهرين، عليهم السلام، بل اثاروا مسألة تذهيب القبب والمنارات، ومن ثم تطور الكلام الى الاموال التي تُصرف على العتبات المقدسة، وانتقلوا الى مرحلة أخرى وهي التشكيك بصحة القبور أصلا، وهذا الامور كلها تهيئة للخروج بفكرة هدم الاضرحة.
وفي كل مرحلة من هذه المراحل فترات زمنية متباعدة، فحين اثاروا قضية التذهيب ـ مثلا ـ لم ينتقلوا الى المرحلة التالية بسرعة كبيرة، وإنما انتظروا حتى تؤتي هذه الشبهة ثمارها لينتقلوا بعدها الى ما هو أبعد من ذلك وهو التشكيك في قبور الائمة ثم الدعوة الى هدمها.
⭐ في سبيل المواجهة
صحيح أن الافكار لا تواجه إلا بمثيلاتها، ولكن حركة كالصرخية، فإننا بحاجة الى توسيع دائرة المواجهة معهم، فالصرخي يتسافل بجماعته حد الجنون وسيصل معهم لمستويات أخطر من ذلك بكثير لضرب كل ثوابت المجتمع المسلم في العراق، فهذه الجماعة تدعي انتماءها الى التشيع، لكنها تضرب قيم ومبادئ التشيع، فمثلا يقومون بتشويه الشعائر الحسينية وتقديمها للناس بشكل مهين لا يقبله عاقل.
فيجب مواجهتم اجتماعيا وقانونيا وثقافيا، فعلى المستوى الاجتماعي يجب عزل هذه الحركة عن النشاطات الاجتماعية، ومقاطعة كل من ينتمي إليهم، وهذه فكرة ناجعة استخدمها الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، مع الثلاثة الذي تخلفوا عنه، وكانت النتيجة: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ}.
📌 صحيح أن الافكار لا تواجه إلا بمثيلاتها، ولكن حركة كالصرخية، فإننا بحاجة الى توسيع دائرة المواجهة معهم، فالصرخي يتسافل بجماعته حد الجنون وسيصل معهم لمستويات أخطر من ذلك بكثير لضرب كل ثوابت المجتمع المسلم في العراق
وقانونياً؛ يمكن متابعة هذه الجماعة المنحرفة وتطبيق القانون المشرَّع الذي يكفل حماية الاماكن الدينية المقدسة، فقد خص المشرع العراقي الاماكن الدينية بحرمة الاعتداء عليها بأ ن جرم الافعال التي من شانها المساس بهذه الاماكن وذلك في سبيل حماية هذه الحرمة حيث نصت المادة 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على : (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لاتزيد على مائتي الف دينار كل من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها. وهنا على الدولة والسلطات ذات العلاقة تطبيق القانون حتى لا تتكرر الاساءة الى الأماكن المقدسة.
وأما ثقافيا؛ فإن على الجميع أن يتحمل مسوؤليته من موقعه، فالاب مسؤول، وكذا الاعلامي، والمؤسسة الدينية؛ من حوزات، وعتبات، تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية، ولذا يجب نشر الثقافة الدينية الصحيحة، والاجابة على الشبهات المختلفة التي تجول في أوساط الشباب، واستغلال المناسبات الدينية الكبيرة؛ كعاشوراء والاربعين في نشر التوعية الدينية الصحيحة.