للحكمة أهمية كبيرة في حياة الإنسان إذ أنها تكشف له حقيقة نفسه، وما يحيط به من الخلائق وبقية الموجودات، وتعرّف الحكمةُ الإنسانَ بالسنن الثابتة في هذه الحياة، وبالتالي فهي تجعل الفرد على معرفة أفضل، وعمل أصلح، فتكون غاية الحكمة أن يتصرف الإنسان تصرفا سليما، و قال البعض أن الحكمة هي: وضع الشيء في محله.
ولأن هذا الموضوع يلامس حياة الانسان الفكرية والعملية بشكل مباشر، نرى أن الدين الاسلامي لم يُهمل هذا الجانب، بل دعى أن يصبح الإنسان حكيما في فكره وسلوكه، ومجمل حياته.
ومع وجود المناهج المنحرفة التي وضعها البعض ـ حسب ادعائه ـ لبلوغ الحكمة، وضع الدين وعبر آيات القرآن الحكيمة، وروايات النبي الأكرم، وأهل بيته صلوات الله عليهم، وضع المنهج القويم لتحصيل الحكمة، وبين السُبل التي يجب اتباعها للوصول الى تلك الغاية (الحكمة).
ولاشك أن القرآن الكريم قد وضع المنهجية الصحيحة والسليمة التي لا تشذ عن السنن الإلهية في الحياة، مراعيا الظروف الموضوعية والنفسية للإنسان في جميع مراحل حياته.
⚡ لقد خلّد لنا الباري ـ تعالى ـ في كتابه الكريم شخصيةً حكيمة (لقمان الحكيم)، وهو تأكيد أن الوصول الى الحكمة متاح للجميع، ومنابع ومفاتح الحكمة موجودة لمن أراد البحث عنها
وكانت لسماحة السيد مرتضى المدرسي، حفظه الله، تدبرات في سورة لقمان، وقد كُتبتْ وجمعتْ في كتاب تحت عنوان” من حكمة لقمان تدبرات في سورة لقمان”.
📌 الفصل الأول: منابع الحكمة
يتعرض المؤلّف في هذا الفصل الى بيان المنهج الصحيح في التدرج المعرفي عند الناس، وان اختلاف مستوياتهم المعرفية عائد على فهم القرآن الكريم، باعتبار ان القرآن الكريم أحد الوسائل المعرفية التي طرحها الدين وألزم بها اتباعه.
يقول المؤلف: “من عظمة القرآن الكريم أنه نزل لمخاطبة الجميع بمختلف مستوياتهم، وهذا ما لا يوجد في كتاب آخر، فيأخذ من الكتاب كلٌ بقدره.
ويضيف: نعم؛ نحن بحاجة الى الارتقاء بالقرآن الكريم، فأول عمل يقوم به الانسان على المستوى العقدي هو أن يتعرّف على كتاب ربه، وهو الكتاب الذي {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً}، هو الكتاب الذي يُحيي به الله القلوب ولو كُلم به الموتى لما كان عجبا”.
وحتى نرتقي بالقرآن الكريم لابد أن ننفتح عليه، وذلك لن يكون إلا بالتدبر في آياته الكريمة، ويضع المؤلف أربعة خطوات للتدبر في القرآن الكريم:
الخطوة الاولى: معرفة فضل القرآن الكريم ومكانته.
الخطوة الثانية: معرفة كيفية تعاطي من خوطب بالقرآن الكريم مع الآيات المباركة.
الخطوة الثالثة: استنباط القواعد الاساسية للحياة في الدنيا والفلاح في الآخرة، وجعل هذه القواعد ميزاناً ومقياسا للأعمال.
الخطوة الثالثة: تطبيق الآيات على الواقع الخارجي وذلك بالتوقف عند كل آية والتساؤل: ماذا يقول القرآن في هذه الواقعة؟
ومن ثم يستمر المؤلف في الفصل الأول لبيان المنهج في الحصول على الحكمة، حيث يتعرض لطريق الحكمة والحصول عليها، وفي الشق الآخر يتعرض لموانع الحكمة التي منها اللهو والاعراض عن ذكر الله.
📌 الفصل الثاني: لقمان وحكمته
عقد المؤلف هذا الفصل للتعريف بشخصية لقمان الحكيم، فحتى تعرف آثار الشخصية لابد أولا أن تتعرف على الشخصية نفسها، ولأن شخصية لقمان الحكيم تعرضت لكثير من التأويل والتحريف في تحديد الشخصية بعينها، فصّل المؤلف القول في هذا الموضوع، وألمح بشيء من التفصيل الى الشخصيات التي قيل أنها كانت شخصية لقمان الحكيم.
⚡ نحن بحاجة الى الارتقاء بالقرآن الكريم، فأول عمل يقوم به الانسان على المستوى العقدي هو أن يتعرّف على كتاب ربه
وقبل بيان الشخصيات التي قيل أنها للقمان الحكيم، يُشير المؤلف الى نقطة غالبا ما يغفل عنها الكثير حين التعرض للشخصيات والقصص القرآنية، يقول المؤلف: “القرآن الكريم كتاب هداية، ولانه كذلك فقد تعرّضت الآيات القرآنية لأهم ما ينفع في سبيل تحقيق هذا الهدف، ولأجل ذلك أهملَ القرآن الكريم التعرض للشخصيات والقصص بتفاصيلها إثباتا للقضية التاريخية، فلم يتعرض ـ مثلا ـ لأسماء شخصيات أصحاب الكهف، بل نهى عن التفاصيل غير المهمة كالحديث عن عددهم مثلا”.
📌 الفصل الثالث: الوصول الى الحكمة
وفي هذا الفصل الأخير من الكتاب تعرض المؤلف الى بيان السُبل التي توصل الى الحكمة، وكذا العقبات التي تمنع من استحصال الحكمة.
وفي بداية الفصل كان هناك بيان للنعم التي تحيط بالإنسان، وهي على نوعين نِعم ظاهرية ونِعم باطنة، وقد أشار المؤلف ان من الحكمة التسخير الصحيح لتلك النِعم، وعدم جحودها، فالنعمة تقتضي شكر الخالق، وذلك يكون بالشكر اللفظي والعملي، والشكر يُعد من الطرق المؤدية الى الحكمة.
يقع الكتاب في ثلاثة فصول، وبواقع 177 صفحة، وتجدر الاشارة الى ان الكتاب يباع في مكتبة البصائر الخاصة بمؤلفات الفكر الرسالي، وتقع المكتبة بشارع قبلة الإمام الحسين، عليه السلام.