الهدى – متابعات
برزت في الآونة الاخيرة في العراق ظاهرة اجتماعية جديدة وغريبة على المجتمع العراقي، الا وهي ظاهرة الطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعن ذلك، يقول قاضي محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية علي محمد العكيلي إن “هذه الظاهرة انتشرت بشكل واسع وملحوظ وغزت ساحات القضاء بشكل سريع وبتطبيقات مختلفة فتارةً تأتي على شكل اتصال غير مرئي وتارةً أخرى عبر اتصال مرئي ومسموع بواسطة تطبيق (الواتساب أو الماسنجر) ومعروف أن قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188 دخل حيز التنفيذ في عام 1959 وهو بصيغته الحالية وقف عاجزاً أمام هذه الظاهرة كونها ظاهرة مستجدة وحديثة وخيراً فعل المشرع في (2) من المادة الأولى من القانون عندما أحال المسائل التي لم تعالجها نصوص تشريعية إلى أحكام مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص القانون وهو ما يجري العمل به حالياً حيث يلجأ قاضي الأحوال الشخصية إلى أحكام المذاهب الإسلامية للزوجين طرفي الدعوى”.
وأضاف العكيلي أن “هذه الأحكام تختلف من مذهب لآخر بتفصيلات متعددة وتنظر هذه الدعوى شأنها شأن دعاوى تصديق الطلاق الأخرى بدءاً من إجراءات البحث الاجتماعي حيث يؤدي الباحث الاجتماعي دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر ومحاولة رأب الصدع بين الزوجين، لاسيما وأن كانت الزوجة في العدة الشرعية وبعد ذلك تتحقق المحكمة من إثباتات الطرفين وموافقة الطلاق لأحكام الشرع والقانون مسترشدة بأحكام المذاهب الإسلامية ومبادئ محكمة التمييز الاتحادية التي ترد تباعاً”.
كما دعا القاضي “القسم المعني في محكمة التمييز بتعميم المبادئ المستجدة في مجال الطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي على المحاكم للعمل بها، كما نوجه دعوتنا إلى المشرع للتحرك العاجل لملاحقة هذه الظاهرة ومعالجتها بنصوص قانونية تنظم أحكامها وآثارها وشروطها بما يمكن القضاء من السير على مبادئ مستقرة وثابتة ولا يفوتنا أن نوجه الدعوى إلى اللجنة العلمية في رئاسة الاستئناف إلى إغناء هذا الموضوع من خلال اختيار عناوين لبحوث الترقية للقضاة تدخل في صلب الموضوع و تفرعاته”.
فيما يقول القاضي الأول لمحكمة الأحوال الشخصية في أبي غريب سعد محي الجبوري إن “الطلاق يقع من قبل الزوج أو الزوجة إذا فوضت به, فمن قبل الزوج حينما يتلفظ بالصيغة الشرعية المقصودة بالطلاق فيخاطب زوجته الحاضرة (أنت طالق) أما إذا كانت غائبة عن المجلس فيقول زوجتي فلانة ( طالق مني هي طالق), والزوجة أحيانا تفوض وهذا موجود غالباً في المجتمع المصري حيث تكون العصمة بيد الزوجة ولها حق الطلاق وللقاضي أيضاً أن يوقع التفريق بين الزوجين بوجود أسباب معينة”.
وأضاف “أما الطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهذا الطلاق حصل بالآونة الأخيرة بأي من البرامج التي تختص بالتواصل الاجتماعي حيث اختلفت الآراء بين المذاهب حيث ذهب مراجع المذهب الجعفري بأن الطلاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يعتبر طلاقاً واقعاً ومكتسبا للشروط فقد يكون الشهود على الحادثة غير مدركين للشخص المعني أو قد تكون الصيغة غير مسموعة وغيرها من الأسباب التي من شأنها التشكيك بحادثة الطلاق, أما في المذهب الحنفي فأن الطلاق يقع في كل الأحوال فأن الزوج متى ما تلفظ بلفظ الطلاق فأن الطلاق واقع لا محال”.
وأضاف الجبوري “في هذه المحكمة عرضت مثل هكذا دعاوى التي كان الطلاق فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فمنها صُدقت ومنها لم تصدق”، وعند سؤالنا للقاضي الجبوري عن الأسباب التي دعت لعدم تصديق الطلاق في مثل هذه الحالات أجاب أن “الأسباب هي شكلية قد يكون الطلاق واقع غير أنه لم يثبت فمثلاً يكون الشاهد بُلغ بالطلاق ولم يقع أمامه أو لم يسمعه بصورة شخصية أثناء وقوع الطلاق أو أن الشاهد لم يميز الطرف الآخر عبر شاشة التواصل أو لم يميز الصوت وغيرها من الأسباب الشكلية فالمحكمة تطالب بحضور شهود من أهل الزوجة والزوج كأن يكون أخا أو أبا ويتم السؤال من قبل المحكمة عن حادثة الطلاق”.
وأوضح أن “بعض الحالات تعرض فيها المحادثات أو الصور، وغيرها فأن المحكمة لا تستند بصورة كاملة على هذه المحادثات المفرغة على الورق ما لم يصدر بها قرار حكم جزائي من محكمة الجنح وبعدها نقرر الحكم بالتفريق”، لافتا إلى أن “المحكمة تنظر إلى كيان الأسرة وتسعى دوماً لعدم هدم الأسرة ففي بعض الحالات ننصح الأزواج إلى أن ينظر للعائلة قبل النظر للمشكلة للحفاظ عليها”.
وعند سؤال القاضي عن نسبة الطلاق الذي يقع في مواقع التواصل الاجتماعي بين أن النسبة قد تصل إلى 40% من الدعاوى التي تعرض على هذه المحكمة وهي نسبة كبيرة إلى حدٍ ما وظاهرة خطيرة يجب على المجتمع أن يقف أمامها”.
وعن رأي محكمة التمييز الاتحادية تجاه الطلاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي أجاب القاضي سعد محي الجبوري قائلاً إن “محكمة التمييز الاتحادية تنظر إلى قرار القاضي، وهل أن المحكمة ثبتت اقوال الشهود بشكل مفصل واستشفت فعلاً من اقوال الشهود بأن الزوج كان قاصداً لإيقاع الطلاق يبين أن محكمة التمييز الاتحادية تصدق القرار وحسب قناعتها”.
أشار إلى أن “القانون عندما ثبت وشرع لم يدخل في كل التفاصيل وترك تقدير الأمور للقاضي المختص لان الدخول في التفاصيل يعني الحاجة إلى قوانين لا تنتهي, لذلك نحن لا نحتاج إلى تشريع إنما بحاجة لتوعية وهذا من شأن منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بالاهتمام بالمواضيع الاجتماعية والأسرية، كما أن الباحث الاجتماعي يقع عليه دورا كبيرا وهاما وهو الوصول لإعادة الزوج والزوجة للصواب وأن تكون الأسرة غير مهددة بالانفكاك نظرا لدور الباحث الاجتماعي القائم في كل الدعاوى”.