الهدى – خاص
أقامت كلية التربية للعلوم الانسانية في جامعة كربلاء ندوة علمية حملت عنوان “ظاهرة المخدرات، الأسباب والعلاج” تناولت انتشار ظاهرة المخدرات في المجتمع العراقي.
وشارك في الندوة نجل سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، دام ظله، سماحة السيد محسن المدرسي بورقة بحثية حول الآثار الخطيرة للمخدرات على المجتمع العراقي.
وبين السيد المدرسي في ورقته البحثية انه “لا حاجة الى بيان الآثار الخطيرة لظاهرة المخدرات على بلدٍ مثل العراق، فكل مدمن جديد يعني تدمير لعائلة جديدة، وجريمة محتملة جديدة”، مضيفا ان ذلك “يعني فقدان المجتمع لعنصرٍ فعال من عناصره وتحوِّله الى عالة عليه، والأمر اكثر خطورة في النموذج العراقي حيث محاولة البلد بالنهوض بواقعه بعد سنواتٍ طويلة من الحرمان والتدمير”.
وتابع سماحة السيد محسن المدرسي بالقول : ان “الفقه الاسلامي يتعامل مع موضوع المخدرات بجدية تامة، حيث ينظر الى آثاره المادية والمعنوية على الفرد والمجتمع، فلذا فان الفقهاء استفادوا حرمة الاستخدام، الا للضرورات الطبية المعينة من قبل الطبيب، ولا تقتصر الحرمة على التعاطي، بل على اي نوع من انواع المتاجرة او تسهيل حصول الاخرين عليه، بل يوجبون تبليغ السلطات المعنية “بشرط صلاحها” عن تجار المخدرات”، منوها الى انه “وفي نفس الوقت الذي نجد بعض الدول تتوجه نحو تقنين انواع معينة من المخدرات “كما في الولايات المتحدة” الا ان الفقهاء يحرمونها جميعاً اشد تحريم و يجعلونها بازاء المُسكرات”.
واشار الى ان “هناك اموراً تقع على عاتق الدولة والنظام الحاكم، كمثال على ذلك تعديلات على طبيعة النظرة الى هذه الظاهرة وعدم الاكتفاء بالحل الأمني، و التمييز قانوناً بين المتعاطي وبين التاجر، وتوفير الاماكن المناسبة لاعادة التأهيل”.
ووجه السيد محسن المدرسي حديثه في ورقته البحثية نحو “الدور الذي يمكن ان يؤديه المجتمع، ذلك لأننا في التحديات الكبرى وحين تفشل الدولة عن مواجهتها لابد ان يدخل المجتمع كطرف اساسي، وهناك تجارب ناجحة مثل تجربة كفالة الأيتام، والتكافل الاجتماعي، وكذلك الحشد الشعبي”ن محذرا من ان “ظاهرة المخدرات تحدي كبير جداً حيث تشير التقارير الى ازديادها المُطرِّد والمبرمج في بلادنا، بل ويذهب بعض الباحثين الى وجود (استهداف) ممنهج لطبقة الشباب نظير ما حصل في مصر بعد حرب اكتوبر”.
والمح السيد المدرسي الى الدور الذي من الممكن ان يؤديه المجتمع في هذا المجال وهو “المشاركة في التوعية الثقافية تجاه خطر المخدرات، و بيان الأساليب المتبعة في استدراج الشباب الى الادمان، وعاقبتها الوخيمة” و “الرقابة الاجتماعية وتفعيل دور الأسرة بدرجة اكبر”، فضلا عن “تأييد وتسديد عمل الدوائر المكلفة بهذا الملف، من خلال التعاون المستمر لما من ذلك من مصلحة للمجتمع كله”.
ودعا السيد المدرسي الى “ايجاد التجمعات ذات الطابع الايماني او الاخلاقي او العلمي او الرياضي، بتكون بمثابة بيئة صالحة تمنع الشخص من التوجه نحو البيئات الفاسدة”، مطالبا هذا الاتجاه من “الأسر بدفع ابنائها الى مثل هذه التجمعات او البحث عن بدائل صالحة لهم”.
كما دعا السيد محسن المدرسي وفي ختام ورقته البحثية الى “الاهتمام بمشاكل الشباب و فتح قنوات التواصل المباشرة بينها وبين النخبة الدينية والاكاديمية القادرة على احتوائهم ساعة الأزمة و توجيههم نحو الحلول”.
ولفت الى وسائل التواصل الاجتماعي وفرت منصة مناسبة للتواصل مع الشخصيات الفاعلة القادرة على اعطاء النصائح لمثل هؤلاء الشباب ساعة العسرة”.
وحذر من ان الشاب قد يصاب بانتكاسات في حياته، في مسيرته الدراسية، او لعدم الحصول على العمل المناسب، او الزوجة المناسبة، ويتحول ذلك الى ازمة تدفعه للاتجاء الى المخدرات. فوجود المُرشد و المربي القادر على ارشاده في هذه اللحظة بالذات يقلل من احتمالية ذلك”.
هذا وحضر الندوة اكاديميين مختصين وباحثين قدموا بحوثا مختلفة ذات جنبة دينية وطبية وقانونية واجتماعية، اكدوا من خلالها خطورة هذه الداء المدمر والكارثة التي بدات تضرب مجتمعاتنا.