فکر و تنمیة

الابتزاز العاطفي: تقنية استدرار العواطف

قد يستخدم قريب منا اساليب الاستعطاف لإشعارنا بالذنب في حال لم نؤدي اليه وظيفة ما، أو لم نعطه حاجة معنوية أو مادية يود الحصول عليها، وهذه الوسيلة يراد بها السيطرة علينا وتحقيق الاحتياجات، وعادة ما يصدر هذا السلوك من الاقربون الذين يعرفون نقاط ضعفنا واننا لا يمكن ان نؤذيه لذا يجعلوننا في زاوية حرجة بحيث نحقق ما يريدونه حين نستسلم وذلك لا يعني بالمطلق اننا ضعفاء ابداً بقدر ما يعني اننا رحماء وانسانيين، هذه السلوكية تدعى بـ( الابتزاز العاطفي).

نفسياً ماهو الابتزاز العاطفي؟

الابتزاز العاطفي هو حيلة نفسية و أحد اشكال التلاعب النفسي بالإنسان ويكون بين شخصين تجمعهما علاقة نسل أوعلاقة حميمة (الأم والابناء، والزوج والزوجة، والشقيقتين، الأصدقاء المقربين، العاشقين)، يصبح من خلاله فلنقل الشخص المبتز رهينة الاخر عاطفياً، فالأمر يحدث على طريقة  “إذا لم تفعل لي كذا، فأنت المسؤول عن ما يحدث لي”،  ويحدث عند الرجال والنساء والاطفال غير ان الميدان الأوسع له النساء والاطفال والمراهقين، وهو يمثل نوع من الضغط الناعم الذي يأتي بالنتائج اكثر من انواع الضغوطات الاخرى.

كيف يؤثر الابتزاز العاطفي على العلاقات بين الناس؟

اسلفنا القول انه يحدث بين طرفين من البشر تربطهم علاقة متينة قبل ان يحصل ابتزاز، وعلاقتهم تتأثر سلباً بعده وقد يؤول بها الحال الى التلاشي اذا ما انتهت المصلحة المادية أو المعنوية منها، اضافة الى الاثر النفسي السلبي الذي يتركه على الطرف المبتز من الشعور بالذنب على فعل يقم به وصولاً الى انعدام السعادة والراحة لتحميله ازر ما لم يفعل، ونود الاشارة الى ان الكثير من العلاقات بعد ان تنتهي يكتشف الضحية أنه تعرض لخداع كبير باسم الحب أو الصداقة أو القرابة أو الشفقة.

تزداد نسب الابتزاز العاطفي في المجتمعات العاطفية التي تتحكم المشاعر فيها اكثر من العقل

تزداد نسب الابتزاز العاطفي في المجتمعات العاطفية التي تتحكم المشاعر فيها اكثر من العقل والمرأة على وجه الخصوص بارعة في استغلال دموعها ومظاهر ضعفها وانكسارها واحتياجها في عمليات الابتزاز العاطفي، والذين يمارسون الابتزاز العاطفي يدركون في قرارة أنفسهم أن ما يطلبونه ليس من حقهم، لذا يلجأون إلى الاحتيال لتحقيق أغراضهم وهم بذلك يدلون على ضعفهم وعجزهم.

من الوعي ان يميز الانسان من يتعامل معه بتوازن ومن يستغله ليتجنب التعرض لخيبات أمل عاطفية لأن المبتزين في الغالب لا تعنيهم الا المصالح

الابتزاز العاطفي لايقف عند حدود طرفين فما تمارسه الكثير من الجمعيات والمؤسسات والمستشفيات التي تدعي انها خيرية وتقدم الخدمات لمن يستحقها مجاناً ما هو الا ابتزاز عاطفي، اذ يتلاعبون بمشاعر الناس حيث يعرضون صورا لأطفال مرضى، أو كبار سن عاجزين، أو مرضى مزمنين لاستمالة عطف الناس ودفعهم للتبرعات السخية وهم عبر ذلك يحققون منافع يخططون لها، كما المتسولون في الشوارع يمارسون ابتزازاً للمجتمع حين يعرضون ورقة طبيب ويدعون عدم امتلاكهم ثمن العلاج فعلى الرغم من معرفة معظم الناس بألاعيبهم الا أن الكثير من الناس يقعون ضحية لذلك الابتزاز.

المسببات

حالات نزوع الافراد الى الابتزاز العاطفي تعود الى:

  1. عدم الشعور بالأمان في بعض الحالات سيما في الطفولة اذا تنتج جراء التنافس بين الاخوة والاخوات في العائلة
  2.  ان الطفل كان عرضة لشكل من أشكال الابتزاز العاطفي وكان حب الأم مشروطا بسلوكيات تحقق أهداف الوالدين وتوقعاتهم من الطفل مما يجعل الطفل يكرر السلوك.
  3. وقد يحدث الابتزاز العاطفي كنتيجة لشعور الفرد بالوحدة أو شعوره بالخوف من الهجر مما يحدو به الى استنزاف من يحيط به عاطفياً و وجدانيا بشكواه المتكررة والمستمرة وبتحميلهم مسؤولية معاناته.
  4. اما لدى النساء فإنه يحدث بسبب اصابتهن باضطراب الشخصية الحدية أو من لديهن سمات الشخصية الحدية، وهذه الشخصيات تشعر بالفراغ النفسي والعاطفي لذا يلجئن اليه لملئ الفراغ الذي يعانين منه
  5. يحدث لدى الاشخاص من ذوي الشخصية النرجسية والسيكوباتية التي تذهب بأتجاه استغلال الناس العاطفيين لتحقيق أهدافهم وتلبية رغباتهم، اما حالات حدوث الابتزاز العاطفي لحاجة فعلية ملحة فهو موجود لكنه ضئيل جداً.

المعالجات:

اما المعالجات فتكمن في عدة امور اهمها:

1- تعليم الطفل اهمية الحصول على ما يريد بطريقة سليمة غير ملتوية، وأن يقدر عدم قدرة والديه أو معلمه على توفير ما يحتاج في بعض الحالات، وأن لا يضعهم في حرج، وذلك يحتاج لتبصيره ووقف تعزيز سلوك الابتزاز وهذا لا يعني إهمال الشخص أو نبذه، ولكن إعطاء الحاجيات المعنوية والمادية بشكل راشد وناضج وليس تحت تأثير الابتزاز.

  2- من المهم مراعاة احتياج الانسان  للأمان والحب غير المشروط ووفق الممكن توفيره

3- من الوعي ان يميز الانسان من يتعامل معه بتوازن ومن يستغله ليتجنب التعرض لخيبات أمل عاطفية لأن المبتزين في الغالب لا تعنيهم الا المصالح، وبهذه التقنيات نقوض من  الابتزاز العاطفي أو نتعامل معه بحكمة وذكاء.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا