بأقلامکم

لماذا عيد الغدير في القرن الحادي والعشرين؟

تتوالى دعوات الحداثة وما يوافقها من الليبراليين ودعاة العلمنة بمثل هذهِ الأسئلة التي تناقش الظواهر لا من أجل النقاش، بل من أجل التسقيط المتعمد ضمن برامجهم الممولة من الخارج، ولكن لا أخفي إن مثل هذه الأسئلة تنطلق من أناس عاديين من أجل الاستفهام وسماع وجهات النظر.

بالنسبة لي سأضع إجابات متواضعة بقدر ما امتلك من مدلولات متواضعة لا ترتقي إلى ما يقدمه سادتي العلماء وإخواني الباحثين.

أولاً: فلسفياً.. الارتباط بالماضي سمة إنسانية مفطور عليها، والبحث عن خفايا الماضي وأحداثه، ومجرياته، ووقائعه، وتجاربه شيء يشغل الإنسان بالبحث عليه، لأنه بفطرته يشعر أنه جزء من الماضي وسيكون جزء من المستقبل. لذلك تجد إن الإنسان يبني نفسه في الحاضر بما ترتبت عليه تجارب الماضي، ويخطط للمستقبل بتقويم حاضره على وقائع الماضي.

وكثير من العلوم والنظريات الجديدة كانت عبارة عن تطورات من نظريات قديمة تسلسلت واضيفت لها خبرات، فكان الماضي أساس لنهضة الحاضر من هذه النقطة ننتقل للاخرى.

ثانياً: بماذا يختلف الإنسان في عمقه في القرن الواحد والعشرين عن إنسان القرون الماضية؟

بتطوره؟

وفيما تطور مثلاً؟

فقط أنه طور عقله..، ولكنه لم يطور من إنسانيته.

اليوم العالم يعج بتطورات تنكولوجية ولكنه يعج بأصوات المحرومين المضطهدين المظلومين، فحامل الرؤوس النووية قد يقدر بمبلغ ما، ينهي مسألة المجاعة في إحدى المقاطعات الأفريقية.

وقيمة لاعب كرة قدم قد يكون سعر شرائه لأحد الأندية بقيمة إجمالية قدرها ما يبني مستشفيات في دول فقيرة مجهزة بأحدث الأجهزة.

ماذا ينفعني إن صعدت تلك الدول الفضاء وهم سبب في مجاعة وحرمان وظلم كثير من الدول المستضعفة، ومازالت سياساتهم الاستعمارية قائمة إلى الآن بشتى الأوجه؟

وهل أن عيد الغدير يحمل من المضامين التي تدعوا الأمم السابقة والمتقدمة لترك العلم والتطور والبناء؟

هل الغدير قام على أساسيات تتصادم مع أساسيات التطور والنهضة بما للمفهومين من معنى بلا خلل؟

هل قام الغدير على أساسيات تتصادم مع أساسيات التطور والنهضة بما للمفهومين من معنى بلا خلل؟

حاشا لمدينة العلم رسول الله، صلى الله عليه وآله، وباب مدينة العلم أمير المؤمنين علي، عليه السلام أن يكونا كذلك! فعلي، عليه السلام هو بناء العقل والإنسان معاً.

ثالثاً: يحتفل المسلمون اليوم بعيد الأضحى المبارك

هل تساءلتم ذات يوم لماذا عيد الأضحى؟

سيكون الجواب بأن عيد الأضحى المبارك مرتبط بسيرة سيدنا إبراهيم، عليه السلام، في موضع أراد فيه بأمر الله ذبح ابنه إسماعيل، عليه السلام، ففداه الله بذبح عظيم.

ولأجل ذلك الموقف وارتباطاً بهذا الموقف الجليل الذي ينبئنا الله به لنتعلم منه دروس التسليم المطلق لله  ـ تعالى ـ، يضحي المسلمين في هذا اليوم بأضاحي كثيرة

ف هل من الممكن أن تقول  ـ مثلاً ـ لماذا ونحن في القرن الحادي والعشرين نرتبط كل عام بعيد الأضحى لأنه مرتبط بموقف حصل قبل آلاف الأعوام؟

انطلاقاً من هذه النقطة ننتقل إلى النقطة الرابعة.

رابعاً: نحن كشيعة أمير المؤمنين علي، عليه السلام، نؤمن بأن يوم الغدير في السنة العاشرة للهجرة كان يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، وبنص قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً}.

فالله ـ سبحانه وتعالى ـ أنعم على سيدنا إبراهيم، عليه السلام، بفداء ابنه بذبح عظيم فكان ذلك اليوم و الموقف محل إجلال واكبار إلى يومنا هذا.

وفي يوم الغدير أنعم الله على أمة محمد، صلى الله عليه وآله، بنعمة إكمال الدين وإتمام النعمة، وأراد لنا أن نفرح بفضله وبرحمته: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

أليس القوميين يفرحوا بأعياد وطنية فيها من النقد والملاحظات والمساوئ ما فيها؟

أليس  الحداثويين يفرحون بأعياد لها أسس ماضية، ويا ليتها أسس طيبة بل هي أسس نتنه كعيد الحب؟

مالكم كيف تحكمون؟

عن المؤلف

أمين عبد الملك المتوكل / اليمن

اترك تعليقا