روي أن امير المؤمنين، عليه السلام، كان جالسا في الكوفة بعد منصرفه من صفين اذ اقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم قال له: يا امير المؤمنين اخبرنا عن مسيرنا الى اهل الشام أ بقضاء من الله وقدر؟ فقال امير المؤمنين، عليه السلام: “أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد الا بقضاء من الله وقدر”.
فقال له الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا امير المؤمنين؟
فقال، عليه السلام له: “مه يا شيخ، فوالله لقد عظّم الله الاجر في مسيركم وانتم سائرون، وفي مقامكم وانتم مقيمون، وفي منصرفكم وانتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا اليه مضطرين.
فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا اليه مضطرين، وكان بالقضاء و القدر مسيرنا ومنقلبنا و منصرفنا؟
فقال، عليه السلام له: “وتظن انه كان قضاء حتما وقدر لازما؟ انه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والنهي و الزجر من الله، وسقط معنى الوعد و الوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن.
ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحُسن، ولكان المُحسن أولى بالعقوبة من المُذنب تلك مقالة إخوان عبدة الاوثان و خصماء الرحمن و حزب الشيطان و قدرية هذه الامة و مجوسها.
إن الله تبارك و تعالى كلف تخييرا ونهئ تحذيرا و اعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها، ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات و الارض وما بينهما باطلا، ولم يبعث البنين مبشرين و منذرين عبثا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار”.
فانشأ الشيخ يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا
اوضحت من امرنا كان ملتبسا جزاك ربك بالإحسان احسانا
العبرة من هذه الرواية (القصة) أن الامام علي، عليه السلام يبين لنا أن القدر بيد الله والله على كل شيء قدير لم يخلق الله السماء و الارض بالباطل بل بالحق، وبيده القدر، فلا تُصرّ على شيء تظن انه سوف يلائمك او يسعدك او يفيدك او تحبه، لأن الله يعرف ما سيحدث بك، وإذا جاءت عائقة في حياتك، فذلك ايضا قدر او اختبار في الحياة وهذا طبيعي، فالحياة تجارب وعلى الانسان التعلم من اخطائه، لان الحياة تجارب و فرصة للتعلم.