يقول الإمام زين العابدين، عليه السلام: “وَلا تَفْتِنِّي بِالاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إِذَا اضْطُرِرْتُ، وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤَالِ غَيْرِكَ إِذَا افْتَقَرْتُ، وَلا بِالتَّضَرُّعِ إِلَى مَنْ دُونَكَ إِذَا رَهِبْتُ، فَأَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ خِذْلانَكَ وَمَنْعَكَ وَإِعْرَاضَكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.
نبي الله يوسف ـ على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام ـ كان في السجن، ودخل معه فتيان، {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}، فالنبي يوسف فسّر لهما احلامهما، وكان يعلم الغيب من الله ـ سبحانه وتعالى ـ، ولذلك الثاني ـ حسب الروايات ـ كان كذابا، فلم يرَ حلما، ولكن النبي نبأه بما سيحل به، ثم التفت الى ذلك الشخص الذي ظن انه ناجٍ منهما، وهو عاصر الخمر، فقال يوسف: سوف تخرج وتلتقي بالملك، وتعود الى عملك السابق كسقاء للملك. فقال النبي يوسف: فإذا وصلت عند الملك فاذكرني عنده، وأعلمه بقصتي.
وفي قت السحر نزل الملك جبريل وقال: يا يوسف من الذي انقذك من البئر بعد أن القاك اخوتك فيها؟
فقال يوسف: الله.
قال جبريل: من الذي اتى بالسيّارة نحو ذلك البئر الذي لا ماء فيه؟
فقال: الله.
قال: من الذي جعلك ثمنك غاليا بعد أن باعك اخوتك بثمن بخس، إذ لم يشترك غير عزيز مصر؟
فقال: الله.
قال جبريل: لماذا تركت ذكر الله، وسألت الفتى ان يذكرك عند الملك، لكنك ستبقى في السجن {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}. أما ذلك الفتى الذي خرج من السجن فإن الله أنساه ان يذكر حاجة يوسف عند الملك.
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق، عليه السلام، ينقل عن آبائه، عن رسول الله، صلى الله عليه وآله، عن الله ـ تعالى ـ: “لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة، ولأبعدنه من قربي، أيؤمل في الشدائد غيري والشدائد بيدي، ومن الذي استعان بي وطلب مني فخاب، يسأل غيري وبيدي خزائن السماوات والارض”
بعد أن بيّن الإمام زين العابدين، عليه السلام، الجانب الايجابي في فقرات سابقة من هذا الدعاء”اللهم اجعلني اصول بك عند الضرورة.. الى تتمة الفقرات، يقول عليه السلام هنا: “وَلا تَفْتِنِّي بِالاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إِذَا اضْطُرِرْتُ” فإذا كنتُ ـ يا ربي ـ في شدة لا تلجئني الى غيرك.
ثم يقول، عليه السلام: “وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤَالِ غَيْرِكَ إِذَا افْتَقَرْتُ”، فإذا افتقرتُ ماديّا أو معنويا، فلا تجعلني ـ يا الله ـ أن اخضع بالسؤال لغيرك، وأن أمد يدي لهذا وذاك، “وَلا بِالتَّضَرُّعِ إِلَى مَنْ دُونَكَ إِذَا رَهِبْتُ”، ففي اليوم الذي ينتابني فيه الخوف، لا تدعني يا الله اذهب الى فلان وعلان، فالمستعان والتضرع بالله.
-
الخير كله بيد الله
يقول احدهم خسرت كل اموال، والتقيت بأحد اصحاب الامام الصادق، عليه السلام، فقال: مَن ترجو في شدتك هذه؟
قال: والي المنطقة الفلانية كان صديقا لي فيما مضى، والآن هو والي، وفي ظني إذا ذهبت إليه فسيقضي حاجتي.
فقال صاحب الإمام: إذن لا تقضى ابدا!
قال: لماذا؟
قال: سمعت حبيبي جعفر بن محمد الصادق، عليه السلام، ينقل عن آبائه، عن رسول الله، صلى الله عليه وآله، عن الله ـ تعالى ـ: “لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة، ولأبعدنه من قربي، أيؤمل في الشدائد غيري والشدائد بيدي، ومن الذي استعان بي وطلب مني فخاب، يسأل غيري وبيدي خزائن السماوات والارض”.
لذلك يبين الإمام السجاد، عليه السلام، آثار هذا الفعل:
- فالاستعانة بغير الله تؤدي الى خذلان الله، “فَأَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ خِذْلانَكَ”.
- الخضوع لغير الله يؤدي الى المنع، “وَمَنْعَكَ”.
- التضرع الى غير الله يؤدي الى الاعراض، “وَإِعْرَاضَكَ”.