أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله، على أن النهاية الموضوعية والطبيعية لكل الحقائق في الكون التي نعرفها؛ من رحمة الله الواسعة وفضله العميم على البشرية؛ ونعمه التي لا تحد بزمانٍ أو مكان، مضافاً إلى مئات النصوص الشريفة، تتمثل هذه النهاية بمجيء ذلك الإنسان الكامل والمصطفى من عند الله سبحانه، وهو الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
وبيّن سماحته في كلمته الأسبوعية المتلفزة، أن النصوص الشريفة الواردة في هذا المجال هي تذكرة لنور العقل المودع في ضمير كل إنسان، فحين يقرأ المؤمن قول الله سبحانه: (وَ نُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثين* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون) يدرك بأن تلك الإرادة الربانية مستمرة وتجلّت في التاريخ مراراً وستتجلى بشكلٍ كامل بذلك اليوم العظيم. وكذلك حين يتأمل المرء قول الله تعالى: (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُون) ويفكر فيما حوله من آيات الله ويدرس التاريخ، يجد بوضوح أن مسار العالم يسير في إتجاه تحقيق ما كتبه الله سبحانه.
وأوضح المرجع المدرسي، أن إدراك هذه الحقائق يورث في القلب إشراقةً من الأمل بأن الأرض سوف لا تبقى كما هي بما فيها من ظلم وإضطهاد، وسيأتي يومٌ يُمحق فيه الظلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملاها عدلاً كما ملئت جورا”، مبيّنا أن هذه القناعة الراسخة هي الضوء الباهر في نهاية النفق المظلم في الأزمات المتراكمة اليوم في العالم.
وختم سماحته كلمته بجملةٍ من البصائر الهامة:
أولاً: يعيش الإنسان بأمله وهمّته وطموحه، ولولا الأمل لما كان هناك طموحٌ وهمة، ونحن نزداد أملاً بالمستقبل، ولذلك فإننا نزداد عملاً وهمةً وطموحاً من أجل إصلاح المحيط من حولنا والعالم كله، وهذا الأمل قام بدورٍ كبير في إستنهاض المؤمنين في إصلاح أنفسهم ومجتمعاتهم ومحاربة الفساد والظلم.
ثانياً: حين ننتظر الإمام عجل الله فرجه الشريف، فلا يعني ذلك إنتظاراً سلبياً يؤدي إلى الجمود والإنطواء، بل يعني إنتظارنا له عليه السلام، أن نسعى ونمهّد لظهوره، وأن نكون أكثر حيويةً من الآخرين.
ثالثاً: لا يكفي أن ننتظر مجيء الإمام عليه السلام إلينا، بل لابد أن نذهب نحن لإستقباله، بجعله قدوةً لنا وأسوة في الحياة، والتخلّق بأخلاقه التي هي أخلاق القرآن الكريم، والسير على منهجه المتمثل بمنهج آبائه الطاهرين، وتجديد العهد معه لا سيما في مثل مناسبة النصف من شعبان حيث زاد الله ليلتها فضلاً بأن جعل فيها مولد حجته المنتظر عجل الله فرجه، ذلك العهد الذي يبعث فينا روح التأسي بالإمام في إيمانه وخلقه وعبادته.
رابعاً: نحن كبشر خطاؤون وتتراكم المعاصي عندنا، ونحتاج إلى شفيعٍ يشفع لنا عند الله سبحانه في حطّ أثقال الذنوب عن ظهورنا، وأي شفيعٍ خيرٌ عند الله من الإمام عجل الله فرجه، الذي تُعرض عليه أعمالنا بإستمرار، وهكذا لابد أن نجعله شفعياً لذنوبنا ومؤمّناً على دعواتنا ومسائلنا من الله سبحانه.