بصائر

الاسرة الفاضلة ومعاول الهدم

المجمتع الانساني الذي يقوم على اساس الاسرة الفاضلة يكون مجتمعا  فاضلا، ليس فقط في الجوانب الاخلاقية والدينية والمعنوية، وإنما أيضا في الجوانب المادية، بمعنى أن الاسرة الفاضلة هي أسرة أُسست على التقوى من أول يوم، فهي التي تنطبق عليها الآية الكريمة {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}، فإذا كانت الأرض طيبة، فالتربة ميمونة، وفي هذه الحالة يكون النبات طيبا، والإنسان نبات كما هو أي نبات آخر، يقول تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً}.فالإنسان ينبت لكن بصورة مختلفة ظاهريا.

 

يقول الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله: “تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش”، ويقول أيضا: “لا تطلقوا النساء إلا عن ريْبَة فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات

 

الزوجة التي تعيش التوتر في بيت زوجها سوف تؤثر حالتها النفسية على ابنائها، حين الحمل، والرضاع، وحين تربّي،  مما يعني أن هذا التأثير يسري الى كل الحالات، وهذا التوتر العصبي سيؤثر على مستقبل ابنائها، فالابن قد ينمو على العُقد النفسية، او قد يصاب بعاهة ظاهرية او غير باطنية؛ تظهر فيما بعد.

فالأم حين تصاب بأي مرض فإنها ستصبح عالةً على المجتمع، كذلك الطفل اذا اصيب بأحد الامراض هو الآخر يصبح عالة على مجتمعه، ولذا تلجأ بعض الدول الى سن القوانين الصحية للمرأة الحامل من حيث الأكل والراحة، وأيام العطل.

والقرآن الكريم يؤكد على الاهتمام بهذا الجانب ـ الجانب النفسي والجانب الجسدي ـ  لما له من آثار فردية واجتماعية. يقول الله ـ تعالى ـ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}.

ويؤكد القرآن الكريم في سورة الطلاق على أمور قد تبدو لنا بديهية، ولكن هذا التأكيد دلالة على أن  هناك علاقة بينه وبين الوضع العائلي، وهذا التأكيد تضمن عدة أمور؛ أولا: التوكل على الله؛ ثانيا: التقوى؛ ثالثا: أن الله سيجعل من بعد العسر يسرا.

وهذا التأكيد ـ كما أنه يتكلم عن الوضع العائلي ـ ايضا يتكلم عن حالة الطلاق التي تعتبر حالة شاذة، وهي ازمة يجب ان لا تنعكس على الطفل، كما يجب أن لا تنعكس على مستقبل الزوجين؛ اللذين ينفصلان عن بعضهما لسبب أو لآخر.

فليس من الضروري أن صاحب الخُلق السيء هو الرجل المطلِّق لزوجته او الزوجة المطلقة، ففي الغرب وعند تتبع شخصيات المجرمين والقتلة يتبين أنهم أولاد مطلقات، فهي  ـ المطلقة ـ تتدهور حالتها النفسية فيمتد أثر ذلك الى الطفل بإهماله وعدم تربيته، وفي الغالب فإن اكثر المجرمين وقبل تنفيذ احكام الاعدام بحقهم يتبين انهم من ابناء زوجين انفصلا عن بعض، وهذه احد المآلات الخطيرة للطلاق.

قد يلجأ بعض الرجال الى الطلاق هربا من تحمل نفقات الوليد الجديد، وهذا من شأنه أن يؤثر سلبيا على الحالة النفسية للأم وجنينها، وفي هذا الحالة تعالج الأحكام الشرعية هذا الموضوع بالتذكير بأن التقوى هي مفتاح الرزق يقول تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}، ولهذا فإن كل ما يصيب الإنسان من بلاء ومخاطر إنما هو بسبب ذنوبه ومعاصيه؛ يقول تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. ومن هذه الذنوب التي يرتكبها البعض هو ظلم المرأة خصوصا بتطليقها أثناء فترة الحمل وتركها تعاني ويلات المأساة.

يقول الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله: “تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش”، ويقول أيضا: “لا تطلقوا النساء إلا عن ريْبَة فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات”.

 

إن الأسرة كما يراها الإسلام هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإسلامي، وقد أولاها القرآن اهتماما بالغا باعتبارها حصن الفرد والمجتمع، والمدرسة التي تتربى فيها الأجيال

 

وفي رسالة للإمام الصادق، عليه السلام لبعض اصحابه: ” أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره الى ما يحب ويرزقه من حيث لا يحستب فإياك ان تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه …”.

إن الأسرة كما يراها الإسلام هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإسلامي، وقد أولاها القرآن اهتماما بالغا باعتبارها حصن الفرد والمجتمع، والمدرسة التي تتربى فيها الأجيال، وعلى الرغم أن الطلاق من الاحكام الشرعية التي أقرّها الإسلام في حالات خاصة؛ إلا ان التعاليم الدينية تضع المعوقات في سبيل عدم وقوع الطلاق للآثار النفسية والاجتماعية التي يخلّفها.

ولهذ تؤكد الايات القرآنية والأحاديث الشريفة أهمية التقوى بالذات في الظروف الصعبة والحرجة، فإنها قبل كل شي‏ء سبيل الإنسان للانتصار على المشاكل وحلها، ومنها المشاكل العائلة والأسرية التي قد تؤدي الى الطلاق، فالتقوى تحتوي على زخم إيماني يثبِّت المؤمن على الحق، ولأن التقوى في حقيقتها برنامج متكامل يجد فيه حلا لكل معضلة ومخرجا من كل حرج مهما كان الظاهر باعثا على اليأس والقنوط {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً}.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا