تميز تاريخ وفاة أهل البيت، عليهم السلام، بالاسى والحزن لانهم كما قال الرسول، صلى الله عليه وآله:”ما منا الا مقتول او مسموم”، فأرواحهم الطاهرة عرجت بهذه الصورة الاليمة التي هي الأخرى تمثل دعوة ومنهج وجاذبية للقلوب السليمة الى مركز العشق الالهي . فذكر مصائبهم وأحياء امرهم هو احياءٌ للشعائر الحقّة، وهذا الجانب العاطفي هو اسرع الطرق للوصول الى معرفة الله وعبادته.
كلما تعلّقت القلوب بإمام القلوب كلما ارتقت سلم الكمال، وكلما نقشت قضية عاشوراء، هذه القضية التي تضمنت خيوطا مغناطيسية بمختلف الاعمار والقوميات والاديان لتجذب الناس نحو الخالق عزوجل، كلما اقتربت من اسرارها
ذكرت مصادر التنمية البشرية ان اكثر من ٩٠% من قرارات وتوجّهات الانسان عاطفيه. فمثلا لو احببت شيئا ابدعت فيه لان بوصلة التفكير تتبع القلب وتثبت نحو مايأمر به القلب، وهذا مانجده في مناظرة هشام بن الحكم بعدما سأل عمرو بن عبيد عن حواسه وصل الى القلب فلنسافر في آلة الزمن ونسمع ماذا جرى آنذاك – : قلت: ألك قلب؟
قال: نعم .
قلت: فما تصنع به؟
قال: أميّز به كلما ورد على هذه الجوارح .
قال: أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال: لا .
قلت: وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة؟
قال: يا بني إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته، ردّته إلى القلب، فتيقن بها اليقين، وأبطل الشك .
قال: فقلت: فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح؟
قال: نعم .
قلت: لابد من القلب وإلاّ لم يستيقن الجوارح .
قال: نعم .
قلت: يا أبا مروان، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً، يصحح لها الصحيح، وينفي ما شكّت فيه، ويترك هذا الخلق كلّه في حيرتهم، وشكهم، واختلافهم، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم، ويقيم لك إماماً لجوارحك، تردّ اليه حيرتك وشكك؟ ! .
قال: فسكت ولم يقل لي شيئاً، هنا ضحك أبو عبد الله، عليه السلام، ثم قال: يا هشام، من علّمك هذا؟
قلت: يابن رسول الله جرى على لساني .
قال: يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.
اذن فقلب المرء هو الموجّه فأذا كان نورانيا بعث بأفكار نورانية، واذا كان قاسيا مظلما فأفكار المرء تكون كذلك.
نستنتج من ذلك كلما تعلّقت القلوب بإمام القلوب كلما ارتقت سلم الكمال، وكلما نقشت قضية عاشوراء، هذه القضية التي تضمنت خيوطا مغناطيسية بمختلف الاعمار والقوميات والاديان لتجذب الناس نحو الخالق عزوجل، كلما اقتربت من اسرارها.
وكان الرضيع واحدا من اسرارها حيث كل البشرية ترمي بصنّارات اسألتهم في بحر هذه المصيبة التي هي بحر الدم لا الماء، فقضية عاشوراء تميزت بالجفاف الحسي والارتواء المعنوي لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد، وأسألتهم هذه هي التي تقودهم الى الاجابه فالعلم ابواب مفاتحه السؤال كما ورد عن المعصومين، عليهم السلام.
فأصل الدين هو الحب كما قال امامنا الصادق، عليه السلام: “وهل الدين إلا الحب”، اذن حافظوا على هذه القلوب ولا تجعلوها تصدأ بالغفلة والابتعاد عن ذكر الله تعالى.
وكما قال الشاعر إيليا ابو ماضي
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا … وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما.