الوجه معروف، و هو ما يواجه من الرأس؛ و فيه العينان، و الأنف، و الفم. و وجه كلَّ شيء مُستقبِلُه. و الوجه كناية عن أول الشيء، و عن ذات الشيء، و عن القصد، و عن الرضا. و وجه الله رضاه، لا العضو؛ لاستحالة الجسم على الله تعالى. و في التأويل عنهم، عليهم السلام: “وجه الله أنبياؤه، و حججه”.
و وجه الله في عصرنا و زماننا هو الإمام المهدي المنتظر، عجل الله تعالى فرجه الشريف؛ و لذا نقرأ في دعاء الندبة الشريف: “أين وجه الله الذي منه يُؤتى”، و المراد: هو، بأبي و أمي؛ فكأننا نقول: أين المهدي المنتظر الذي منه يؤتى.
و الوجيه هو ذو الجاه، و الشرف، و المكانة الرفيعة. و النبي عيسى، على نبينا و آله و عليه السلام، وجيه في الدنيا بالنبوة، و في الآخرة بالمنزلة الرفيعة عند الله تعالى. يقول تعالى: {إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ}. (سورة آل عمران، الآية ٤٥).
و الصديقة الزهراء، عليها السلام، وجيهة عند الله؛ في الدنيا بالعصمة، و بموقعها بين النبوة و الإمامة، و في الآخرة بالمنزلة الرفيعة عند الله تبارك و تعالى، و القرب منه؛ و لذا نخاطبها في دعاء التوسل الشريف، و نقول: “يا فاطمة الزهراء، يا بنت محمد، صلى الله عليه و آله، يا قرة عين الرسول، يا سيدتنا، و مولاتنا؛ إنا توجهنا، و استشفعنا، و توسلنا بِكِ إلى الله و قدمناكِ بين يدي حاجاتنا؛ يا وجيهة عند الله؛ اشفعي لنا عند الله”.
فنُقدّم إسمها الصريح، و نُخاطبها به، ثم نذكر نسبها الشريف و انتماءها إلى أبيها، صلى الله عليه و آله، و أنها قرة عينه؛ لأنه كان يراها في طاعة الله دائما، و هي سيدتنا، و مولاتنا، و هذا ما يدعونا إلى أن نتوجه إليها، و نستشفعها، و نتوسل بها إلى الله؛ و هذا أدل دليل على مشروعية التوسل بها، و بأبيها، و ببعلها، و ببنيها الأئمة الأطهار، عليهم السلام، كما نجد ذلك واضحا و جليا في عبارات هذا الدعاء الشريف.
و لأن حوائجنا دنيوية و أخروية؛ فإننا نقدّم الأخروية منها على الدنيوية، و للحوائج الأخروية نطلب الشفاعة؛ فنقول: “… إشفعي لنا عند الله”.
و لأن الصديقة، عليها السلام، وجيهة عند الله، و ذات جاه، و مقام، و قرب خاص منه عز و جل؛ فإننا نتوجه إليها شخصيا لتشفع لنا عند الله تبارك و تعالى.
و عندما تَشفع، تُشَفّع.
-
من فقه حديث الكساء
قالت الزهراء عليها السلام: “دخل عليَّ أبي رسول الله”
مسألة: يستحب التلقيب؛ لأنه نوع من التكريم، للأسوة، حيث قالت، سلام الله عليها: دخل عليّ أبي رسول الله، صلى الله عليه وآله. ولا يبعد أن يكون اللقب، أو الكنية، بالنسبة، بالنسبة إلى الأقرباء ـ خصوصا الكبار منهم كالأب والأم ـ اكد استحبابا، ويلمع إليه ماسبق، وأن الرسول، صلى الله عليه وآله، كان أبا لها، عليها السلام. (من فقه الزهراء، عليها السلام، للمرجع الشيرازي، ج1، 62).