منذُ بداية ظهور وباء كورونا وانتشاره في معظم دول العالم وارتفاع معدل الإصابات اليومية بشكل مخيف وظهور دراسات علمية تؤكد حجم المخاطر الناتجة عنه وسرعة انتشاره إلّا أن السلوك الاجتماعي لم يستجيب لنفس مستوى خطورة هذا الوباء وبدأ معظم الناسُ يؤمنون بنظرية المؤامرة السياسية لايقاف حركة الشعب الاحتجاجية او أنها مؤامرة لتفعيل عمل الشركات الاقتصادية وايقاف منافسيها كالمعركة الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، بغض النظر عن صدق هذه الدعوى أو لا.
فإن هذا الموقف الاجتماعي المؤمن بنظرية المؤامرة يضعنا أمام معادلة صعبة، إذ كيف للعقل الاجتماعي رفض الدلائل العلمية المثبتة مختبريًا ، وكيف له أن يستهين بخطر الفيروس القاتل؟ هذا الأمر انعكس سلبًا على ارتفاع معدلات الإصابة بين صفوف المجتمع وذهاب بعضهم ضحية هذا التجهيل، وكذلك انعكس سلبًا على نفس المؤسسة الصحية عبر بذل الجهد المضاعف من قبل إفراد الصحة بشكل عام واستنزاف طاقتهم بشكل كبير مع قلة الأدوية وندرة بعضها وعدم توفر الأماكن الخاصة لأيواء المصابين بشكل يتناسب مع طبيعة المرض وضرورة العزل لمنع الاحتكاك المباشر معهم .
الموقف الاجتماعي المؤمن بنظرية المؤامرة يضعنا أمام معادلة صعبة، إذ كيف للعقل الاجتماعي رفض الدلائل العلمية المثبتة مختبريًا ، وكيف له أن يستهين بخطر الفيروس القاتل؟ هذا الأمر انعكس سلبًا على ارتفاع معدلات الإصابة بين صفوف المجتمع وذهاب بعضهم ضحية هذا التجهيل
هذا الأمر شكل تهديد حقيقي لأنهيار الوضع الصحي في البلد وما زال التهديد قائمًا في ظل الظرف الراهن ما لم نأخذ بأسباب الوعي اللازم، ولعل مرد ذلك التجاهل الاجتماعي يعود إلى انعدام الثقة بين المجتمع والمؤسسة الصحية باعتبار أن المؤسسة تابعة للدولة ولا ثقة بحكومة هذه الدولة، إلّا أن القضية ليست بهذا الشكل المقلق، ولا بهذه الصورة البشعة، إذ مجرد انتماء المؤسسة للدولة لا يحمّلها تبعات فشل الحكومة وعليه يجب التفكيك بين كيفية التعاطي مع المؤسسات الحكومية باعتبارها مؤسسات لها نحو ارتباط قانوني مع الدولة ولكن لها مهامها الخاصة البعيدة كل البُعد عن دجل السياسة الحاكمة وبين الاعيب السياسيين وكذب الاحزاب الفاشلة، وذلك كفيل بتحديد عمل الجهات المختلفة إذ مهمة المؤسسة الصحية تقديم الخدمات الطبية للمجتمع ورعاية المرضى وحمايتهم وقائيًا.
فمن هنا يجب التأكيد على بلورة الرؤية الاجتماعية لضرورة التمسك بقول المختص وتوجيهاتهُ، والتأكيد ايضا على الأهتمام الثقة المتبادلة بين الطرفين لتعزيز الصحة العامة للجميع، وهذا بدوره ينسحب لباقي مؤسسات الدولة كالمؤسسة الأمنية والتعليمية والخدمية وغيرها والعكس بالعكس ايضا، إذ عدم ثقتنا بأفراد الحكومة يجب أن لا ينسحب لباقي المؤسسات الحكومية، هذه النظرة إذا استحكمت بالعقل الجمعي وتسيدت على باقي انماط التفكير الاجتماعي بدل التفكير المُبتَذل يتحقق لدينا عنصر النجاح بمختلف القضايا الاجتماعية، ولذلك يجب صياغة خطاب من قبل المؤسسة الصحية يأخذ بعين الاعتبار حجم الاختلاف الحاصل في المجتمع ونسبة الوعي الاجتماعي ونوعية السلوك الخارجي للأفراد لتحقيق هدف الحفاظ على حياة الناس وبذل الجهد لتعاون الطرفين من اجل الوصول إلى بر الأمان .