يقول أحدهم : “عندما ارجع الى البيت بعد انتهاء العمل و أرى تلك الوجوه الصغيرة ملتصقة بزجاج النافذة في انتظار عودتي أعلم انني شخص ناجح .”
ربما لا نغالي اذا ما قلنا أكثر ما يتمنى الفرد الحصول عليه في علاقاته مع الآخرين هو الحب .فالآباء و أولادهم , الزوجة و زوجها، و الصديق صديقه وهكذا ..
وبالأحرى فهو يحاول أن يشبع هذا الجانب الحساس فيه ويستشعر تأثيره في نفسه وما يخالجه من شعور الدفء والاطمئنان والأمان كلما التمس عذوبه الحب من احدهم، ولأن سلامة الجانب النفسي لا تقل أهمية عن سلامة الجانب الجسدي، وبسبب كونهما مترابطان ومتلازمان في بقائهما وتأثير أحدهم ع الآخر، وجب الاهتمام بتعزيز هذا الحب لدينا ولدى الأطفال خاصةً وتوجيه هذه المشاعر في الاتجاه الصحيح.
فأن يشعر الطفل بالإنتماء و بأنه محبوب وبأن له مكاناً، و أن يسمع التأكيدات على كرامته وقيمته، تلك الأشياء هي للروح بمثابة الغذاء للجسد . وغايتي في مقالي البسيط الإفادة في مفهوم كيفية غرس بذرة شعور الحب وبالأخص حب الله عند الاطفال وكما يلي :
حب الله :
كل طفل يجول في مخيلته شخصية بأوصاف معينة لبطله الخارق المحب للخير، المحارب للشر، له من الخصال الشجاعة والكرم واللطافة والعفو وما إلى ذلك من أوصاف وخيالات مجرد تكلمهم عنها وتفكيرهم بها يجعلهم في سعادة غامرة.
لكن إن أخبرناهم بأننا بالفعل نعيش تحتَ حمايةِ ربٍ صفاته خارقة للمعتاد، إله عظيم محب للخير باغض للش، هو خالقنا وخالق ما حولنا يحبنا، و يساعدنا، و يرزقنا وينعم علينا، حينها سنكون حتما قد بدأنا بغرس ثمرة صغيرة في قلب طفل بريء، ستبدأ بذرة الحب تنمو لديه.
إن أخبرناهم بأننا بالفعل نعيش تحتَ حمايةِ ربٍ صفاته خارقة للمعتاد، إله عظيم محب للخير باغض للش، هو خالقنا وخالق ما حولنا يحبنا، و يساعدنا، و يرزقنا وينعم علينا، حينها سنكون حتما قد بدأنا بغرس ثمرة صغيرة في قلب طفل بريء، ستبدأ بذرة الحب تنمو لديه
وننميها في جلساتنا العائلية الصغيرة ونقاشاتنا، فمثلاً قبل البدء بوجبة الطعام يذكر الأب كم أن الله الكريم لطف بهم، و أنه قد رزقه اليوم أيضا ما يكفي ليأكلوا طعاما لذيذاً ويلبسوا ثياباً أنيقة
في حين تبادر الأم بالحمد على القوة و الطاقة والعافية، التي منحها الله تعالى إياها لتصنع هذا الطعام بكل حب وتهتم بأمور المنزل والأطفال، ولأن الأبوين هما القدوة الأفضل في نظر طفلهما فهو سيقلد تلقائياً ما يفعلانه ويحب ما يحبانه و أسلوب القدوة فعلا فعّال اكثر بكثير من اسلوب الوعظ والتوجيه والقول بلا فعل باعتبار القدوة الحسنة هي أفضل موعظة .
نذكر سويةً كم أن لله تعالى يسندنا دائما يحمينا ويقوينا و أنه يحبنا بقدر ما نحبه، فإن أردنا أن يحبنا أكثر، علينا أن نحبه أكثر فهذا الحب وحده يلهمنا ويصبرنا على متاعب الحياة وابتلاءاتها.
ومن أشد الأخطاء التي يقع بها آباؤنا اليوم هو تهديد أطفالهم المساكين إذا ما ارتكبوا خطأً بسيطا بالعذاب بالنار وغضب الله تعالى عليهم، بدل مساعدتهم على تجاوز الخطأ وتصحيحه وتذكيرهم إياه بأن الله يحبه وهو ارحم الراحمين عالمٌ بنيتك الحسنة فلا تخطئ من أجله، أو أن الله خلقك لكي تكون طيباً وناجحاً فلا تخيب ظنه، و يجب أن يفهم الأطفال أننا يجب أن نكون في جانب الحب والخير والعدالة دائماً. فهذا الحب سند قوي وملجأ وكتف يستند عليه الكبير والصغير .
يجب ألا ننزعج من أسئلة الأطفال المتعلقة بالخالق سبحانه أو بأركان الإيمان الأخرى، فهي دليل قوي على أن فطرة الإيمان قد تحركت في قلوبهم لذلك يجب محاولة الاجابة عن جميع أسئلتهم الفضولية بطريقة يسهل عليهم فهمها مثلاً نستطيع الإجابة كالتالي :
لماذا نصلي ؟
يذكر أحدهم أن ابنته الجميلة ذات السنوات الثماني سألته مرة بعد أن أديا معا صلاة الظهر : ” لماذا نصلي يا أبتي؟، ويذكر أنه دهش لسؤالها ، ثم قال لها : نصلي؛ لأن الله يريدنا أن نصلي، قالت : ولكن لماذا يا أبي فماذا يمكن للصلاة أن تفعله؟
۔ الأب : لم أرد أن أضيع الفرصة بمشاركتها رأيها عن تجربة الصلاة ومزاياها الحميدة، قلت لها : حبيبتي تعلمين أن الله هو مصدر المحبة والرحمة والحكمة، وهو مصدر كل الجمال الذي نعيشه و نشعر به. فكما أن الشمس هي مصدر الضوء الذي نبصر من خلاله النهار، كذلك فإن الله هو مصدر كل هذه الخصال بل أكثر من ذلك بكثير.
يجب ألا ننزعج من أسئلة الأطفال المتعلقة بالخالق سبحانه أو بأركان الإيمان الأخرى، فهي دليل قوي على أن فطرة الإيمان قد تحركت في قلوبهم لذلك يجب محاولة الاجابة عن جميع أسئلتهم الفضولية بطريقة يسهل عليهم فهمها
هكذا فالحب الذي أشعر به حيالك أنت وأمك و أختيك هو الحب الذي منحني الله إياه، ونحن نعلم أن الله رؤوف رحيم، وعندما نصلي فإننا نشعر بمحبة الله ورحمته بطريقة خاصة جدا، وهي الطريقة الأكثر قوة. فمثلا تعلمين أنني و امك نحبك و ذلك من خلال اهتمامنا بك، ولكن عندما نحتضنك ونقبلك فإن بمقدورك أن تشعري بمدى حبنا لك، و بطريقة مماثلة نحن نعلم بمحبة الله لنا ورحمته بنا من خلال حفظه لنا وعندما نصلي فإننا نستطيع أن نشعر بمحبته بطريقة خاصة وحقيقية جدا”.
لماذا نصوم ؟
الصيام يحافظ على صحة الجسم و حفظ طاقات البدن من الاسراف و يعطي أجهزة الجسم فترة للاستراحة واستعادة النشاط وهو علاج للكثير من الامراض الجسدية والعصبية، عن النبي، صلى الله عليه و آله انه قال : “صوموا تصحوا”.
فمن أجل صحتنا و لأن الله تعالى يحبنا فرض علينا أن نصوم شهراً كاملاً، ومع أن هذا الفرض لغرض فائدتنا فلم يقتصر حب الله لنا وعنايته بنا على ذلك فقط بل انه حتى جعل هذا الشهر من أفضل الشهور، فهو يغفر فيه للصائم ويستجيب الدعاء ويجازيه على ذلك بحسناتٍ كثيرة .
هذا من الناحية العلمية أما من الناحية النفسية فمن فوائد الصوم الهامة تقوية ارادة الانسان وعزمه وتعودٌه على الصبر والتحمل، وادراكه لمفهوم المساواة بين افراد المجتمع، ولكي يشعر الأغنياء بمعاناة الفقراء .
هذه أمثلة على أسئلة الصغار وكيفية اجابتهم. وكما نعلم أن انجاب طفل يعني أنه قد وضعت على عاتقك مسؤولية كبيرة، بتكفل توفير جو مناسب مادياً ومعنوياً لبناء شخصية متكاملة لهذا الطفل ونشأته في بيت ملؤه الحب والسعادة والتفاهم والرضا والقرب من الله عز وجل.