حذر سماحة المرجع المُدرّسي دام ظله من أن الازمات والمخاطر سواء التي تواجهنا نحن، او البشرية بشكل عام، في تزايد، وذلك لإن: «عالمنا اليوم يشهد طغيانا في العلم الذي ينتج الوسائل،يقابله نقصان في الحكمة التي تحدد للانسان الهدف الصالح والمشروع وتبين الاتجاه الصحيح، فالعالم يغتر بما يملك ويصنع وبانجازاته العلمية الهائلة، ولكنه لم يحقق أيٍاً من اهدافه في السعادة والسلام، لأنه يفتقر الى الحكمة، وقد اضيفت اليه مشكلة كبيرة اخرى بدأت تنتشر، وهي صعود وانتشار «الشعبوية» في اميركا بشكل خاص، وفي بعض البلدان الاوربية بشكل عام، حاملة سياسات الانغلاق والانعزال بين الشعوب والبلدان، ورفض ومقاطعة الآخر وابتزازه، وهذه الفكرة الخبيثة سوف تهدد مسيرة البشرية وأمنها اذا استمرت واتسعت».
وفي هذا السياق، ومع قرب زيارة الاربعين المليونية، قال سماحته إن «علينا ونحن نبحث عن الحلول؛ سواء فيما يتعلق بنا وبأوضاعنا نحن، او بقية سكان العالم، أن نرجع الى كلمة نبينا الأكرم، صلى عليه آله وسلم، حيث يقول: «والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً، إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض، فإنّه لمكتوب عن يمين عرش الله: مصباح هدى وسفينة نجاة». وتابع موضحا:» فهو، عليه السلام مصباح هدى وسفينة نجاة ليس لنا فقط، بل ولإهل الارض فقط، انما حتى للعوالم الاخرى.
والسؤال :هل نحن نفهم هذه الحقيقة؟ وهل نعرف؛ حين نزوره سلام الله عليه، انه ليس لي ولك ولنا فقط بل للعالم كله؟ هذا المصباح اعظم من الشمس، فهل من الصحيح أن الشمس تشرق على مكان دون آخر؟
واضاف : «علينا وعلى من ينبغي ان يفهم، أن نعرف ان الامام الحسين، عليه السلام، ونهضته الربانية والدماء الزاكيات السائلات في ركابه، وكل ما يرتبط به، منقذ للعالم من هذا التخبط وهذه الآفات ومنها؛ الشعبوية، لإنه، عليه السلام، من اجل البشرية كلها.
وتابع سماحته: «في هذا المجال يحتاج منا ان نفكر في بلدنا؛ بلد الامام الحسين عليه السلام، فالعراق يجب ان يكون تجليا من تجليات السبط الشهيد، والشعب العراقي بعد ايام معدودة ستراه كيف يرفع الرايات وهي ترفرف، وكيف ان ملايين الجماهير تتقاطر على كربلاء ومنهم من يقوموان بدور عظيم في الاطعام والسقاية والايواء وكل انواع الكرم والايثار، ولكن هل أن هذا يؤثر ايضا على سلوكهم وحياتهم في باقي الايام والشهور؟ وهل انهم، وكذلك المسؤولين في هذا البلد اصبحوا حسينيين حقا وعرف كل منهم كيف يعيش في حياته حسينياً مؤمنا نزيها صادقا مضحيا؟».
واكد سماحته: «اننا في العراق كما في بقية العالم بحاجة الى حكمة لتحديد المسير والاتجاه والهدف. وهذا كتاب الله وهذه عترة رسوله، والنهج العظيم، وهذه الحوزات العلمية، فهل نستبدلها بمجموعة قوانين وقرارات وضعها زيد وعبيد؟! أو نستبدلها بمجموعة ثقافات مستوردة؟! لماذا ننسى الله – تعالى – وبالتالي ننسى انفسنا وقيمنا ونترك ونُضيّع امكانات هذا البلد الهائلة، ونجعله يدور في دوامة من الازمات والمعاناة؟»
واوضح سماحته في هذا السياق أن: «المسؤول ليس من اسمه رئيس وزراء، أو نائب في البرلمان، فقط، انما جميعنا له سهم وقدر من المسؤولية ويجب أن نهتدي بآيات القرآن وسيرة وكلمات العترة الطاهرة، بهذا المصباح المنير للهداية، ونلجأ ونركب سفينة النجاة العظيمة، ونبدأ بذلك من انفسنا في العراق لكي نجعل منه مَثَلاً وانموذجاً صالحاً، ومن ثم ندعو العالم الى هذه السفينة ونور هذا المصباح».