كائن بسيط جداً لا يُرى بالعين المجردة ابداً قد شغل العالم كله وادخله في رعب وذهول، كبار العلماء والأطباء قد وقفوا أمامه حيارى، شعوب كاملة وحكومات كبيرة لا يستطيعون مواجهته.
كورونا هذا الفيروس الصغير في حجمه، الكبير في تأثيره، والذي دار الجدال حوله، وقيل وكتب عنه الكثير وكلٌ قد أدلى بدلوه، ونحن إذ نحاول أن لا ندخل هذا الجدال ولا نخوض به، وإنما نحاول ها هنا أن نجيب عن بعض الأسئلة التي ربما تطرح بخصوص هذا الفيروس، وهذه الأسئلة هي:
هل هو بلاء أم ابتلاء؟
ومتى وعلى من يكون بلاء؟
ومتى ولمن يكون ابتلاء؟
ماهي الرسائل التي يريد إيصالها هذا الفيروس؟ وكيف نتعامل معه؟
-
البلاء و الابتلاء
البلاء هو العقوبة والعذاب وينزل البلاء بما كسبت ايدي الناس.
اما الابتلاء فهو الامتحان والاختبار وقد يكون لإظهار معدن الإنسان.
وكورونا ربما يكون بلاء، وربما يكون ابتلاء في نفس الوقت، وقد يصيب الظالمين أو المؤمنين، وليس المهم أن نثبت بأنه عقوبة إلهية أو امتحان، بل المهم أن نثبت انه في كلا الحالتين هو نعمة من الله، وذلك إذ أنه إذا أصاب المؤمن الصالح ليس بالضرورة أن يكون له عقوبة من الله بل يكون رحمة له من الله حيث يبتليه الله فإذا صبر وشكر سيرفع قدره الله ويطهره ويظهر به جوهره ويرتفع مقامه عند الله.
وإذا أصاب الظالمين والفاسقين المفسدين فهو أيضا يكون نعمة من الله لهم، حيث أن الله تعالى يحب عباده ويريد لهم الخير ولا يريد لهم الشر ولا يريد أن يدخلهم النار لذا فهو قد يُنَزّل عليهم البلاء من أجل أن يذكرهم ويردعهم عن الظلم والشر للآخرين، ومن أجل أن ينبههم لينيبوا إليه ويتوجهوا ويتوبوا له فهو القائل عز وجل: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}.
فهذه أيضا نعمة ورحمة من الله بأنه يعطيهم الفرصة من أجل العودة إليه، حيث ينزل عليهم بلاء بسيط في الدنيا حتى ينتبهوا ويتجنبوا بلاء الآخرة: {وَهُوَ بَلاءٌ تَطولُ مُدَّتُهُ وَيَدومُ مَقامُهُ وَلايُخَفَّفُ عَن أهلِهِ}.
فلعلّهم بسبب البلاء الذي يحل بهم في الدنيا يتذكروا ويتوبوا ويتضرعوا إلى الله فينجوا من عذاب الآخرة وبلائها، وهذا ما حدث مع قوم النبي يونس، عليه السلام، إذ أنه ما إن رأوا آيات العذاب والبلاء هرعوا إلى ذلك العالِم، يستنجدونه والذي ارشدهم إلى التضرع لله والتوبة إليه والتوسل به، وعندما فعلوا ذلك رفع الله عنهم البلاء ورحمهم.
فالمرض والبلاء والابتلاء هو نعمة من الله بشرط معرفة كيفية الاستفادة من هذه النعمة.
الطريق الأمثل للتعامل مع هذا الوباء أن كان بلاء أو ابتلاء هو أن نلجئ إلى الله تعالى ونتضرع له، ونستغفره ونتوب إليه، كما ندعوا جميع العالَم إلى الرجوع لله تعالى
أما الرسائل التي يبعثها هذا الفيروس الصغير هي :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
فإلى الذين لا يؤمنون بالله ولا يعتمدون عليه، بل يؤمنون بمادياتهم وصناعاتهم ويعتمدون على ما أنتجته أيديهم، من تطور وتكنولوجيا وترسانات حربية، فهذا يؤدي بهم إلى الغرور والتكبر والتجبر وبالتالي يعيثون في الأرض فسادا، فرسالة الله لهم من خلال هذا الطفيلي الصغير، فمهما بلغتم من تطور وحضارة وقوة فأنتم لا تستطيعون أن تواجهوا أصغر جندي من جنود الله، فاتقوا الله وتوبوا إليه لعلكم ترحمون.
وأما رسالته إلى المؤمنين الذين يعملون صالحا أن لا تغتروا بعملكم هذا، ولا تقولوا نحن شعب الله المختارلأنكم من دون الله لا تستطيعون أن تعملوا اي شيء، ولا تستطيعوا أن تدفعوا عنكم ابسط شيء، فاتقوا الله عباد الله واخلصوا العمل له لأنه هو الذي وفقكم وهداكم للإيمان، فاشكروه تعالى على هذه النعمة ولا يأخذكم الغرور والعجب.
إذا كان هذا ربما يكون واقع الفيروس الصغير المسمى بكورونا فكيف نتعامل معه؟
الطريق الأمثل للتعامل مع هذا الوباء أن كان بلاء أو ابتلاء هو أن نلجئ إلى الله تعالى ونتضرع له، ونستغفره ونتوب إليه، كما ندعوا جميع العالَم إلى الرجوع لله تعالى ونذكرهم به وبنعمائه ونوجههم للتضرع له تعالى، كما لا يجب التشمت بأي شخص أو أمة تصاب بهذا الوباء، لأنه لعله تتضرع تلك الأمة إلى الله تعالى وينيبوا إليه فيرحمهم إذ لا بد أن نوجه كل من يصاب بهذا البلاء إلى الرجوع إلى الله تعالى.
كما لابد أن نأخذ بالأسباب الطبيعية من علاج أو لقاح واستخدام الطرق الوقائية للتخلص من هذا الوباء لأن الله (ابى الا ان يجري الأمور بأسبابها).
ولابد ان يكون هناك تعاون وعمل مشترك لدفع هذا البلاء من قبل الجمبع.