قال سماحة المرجع المُدرّسي – دام ظله – إن العالم اليوم يشهد بدعة جاهلية جديدة ــ قديمة، أصبحت تنتشر في الارض كالوباء، وهي بدعة الحصار والمقاطعة الاقتصادية، لشعب ودولة مظلومة فقيرة هنا واخرى هناك، «بجرة قلم يقررون مقاطعتها وحصارها لسبب من الاسباب، محاولة لتركيعها وترويضها، وكل لديه حجته التي قد لا تكون سوى ضلال».
واضاف سماحته في جانب من كلمة اسبوعية القاها في حضور حشد من الوفود والزائرين: «لكن حينما يقاطعون هذه الدولة او تلك الدولة فمن الذي يتأثر؟ فهل تأثر طاغية العراق – مثلاً – في تسعينات القرن الماضي، بما جرى من فرض الحصار على العراق؟ أم أن من تأثر ودفع الثمن هم اطفال العراق وفئاته المستضعفة؟ وهكذا وفي كل زمان وكل بلاد في العالم، فإن الحصار والمقاطعات الاقتصادية لا تضر سوى الطبقات الاكثر هشاشة وضعفا».
تكاملنا الاقتصادي.. فائض ثروات ونقص إرادة
وأكد سماحته: «المسلمون يجب ان يفكروا؛ نحن ينبغي ان نفكر لانفسنا، لا أن نبقى نعيش في خارج التاريخ وفي مفاهيم خاطئة، وأن نفكر في أوضاعنا، فهذه مأساة.أين عقولنا؟ وهل نفكر بشكل صحيح؟ فنحن في العراق وهذه الشعوب والدول من جيراننا، دول الخليج من هنا، وايران وتركيا ومصر من هناك وغيرها من الشعوب والبلدان.. فلماذا لا نفكر بوحدة اقتصادية، سوق اسلامية اقتصادية مشتركة في المنطقة، كالاسواق الاخرى في العالم، مثل السوق الاوربية المشتركة، فالضرورة والحاجة ماسة لتجاوز الخلافات وأن نفصل بين التنمية الحضارية التي تنفع الجميع وبين الخلافات أنّا كان منشؤها».
واستشهد سماحة المرجع المدرسي بآيات كريمة من سورة ابراهيم، التي تتحدث عن
النعم التي منّ سبحانه بها على خلقه، وسخرها لهم، من نزول المطر، والثمرات، وصناعة السفن عبر نعمة العقل، والتقنية، والعلم الذي وهبه للانسان، وتسخير الانهار والشمس والقمر والليل والنهار ضمن سنن كونية تفيد حياة الانسان ونظمها. واضاف: «اذن؛ لماذا يارب بقينا فقراء ومساكين؟ ولماذا بلادنا متخلفة»؟.
وفي معرض الاجابة يقول سماحته: «ربنا سبحانه يقول: [إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ]. إن اصابكم فقر فليس لأن الله – تعالى – افقركم، إن عشتم تخلفا فليس لإن الله جعل ذلك عليكم سمة دائمة، بل لإن الانسان ظلومٌ كفار. إذن؛ ما دامت القضية تتعلق بالانسان ذاته، فأنت كإنسان تستطيع ان تقاوم تلك الظروف والتحديات، فالله – تعالى – لم يجعلك فقيرا، انت تستطيع ان تكون غنيا، ابحث عن الطرق الصحيحة لتتحول من الفقر الى الغنى، ويكون بلدك ايضا قويا غنيا، لذا علينا ان نفكر في الصناعة والتنمية، ويجب أن يكون هناك تبادل زيارات عمل منتجة وتذكير بالعمل المشترك والاقتصاد المشترك والتنمية، وليس التفكير بتكريس هذه الحدود المصطنعة بين شعوبنا وبلداننا، انظروا وادرسوا تجارب الشعوب والبلدان، ما الذي وحّد الصين ووحّد الهند؟، اقرأوا تاريخ اوربا، من الذي وحّدها؟، من وحّد المانيا؟ فهل نبقى نحن الى الابد تعترضنا في كل خطوتين حدود، وجوازات سفر، وتعقيدات وعراقيل ليس لها آخر؟!، نعم؛ لابأس ولاضير من وجود قوانين وضوابط لذلك، ولكن تعاونوا فيما بينكم وضعوا أطراً إستراتيجية وافتحوا التجارة والحدود لتأسيس وبناء تنمية متبادلة بين بلدان المنطقة».