قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ*وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
دين الله شامل لكل جوانب الحياة، فلا يدع صغيرةً ولا كبيرةً في حياة الانسان الا ويحطيها فقها وحمكا وتدبيرا، ولو علم البشر بشكل عام، والمسلمين بشكل خاص، مدى السعادة الحقيقة التي يعطيها الدين للانسان، لاقترب منه الناس كثيرا، وحققوا الاستفادة المطلوبة، والله سبحانه حين خلق الانسان، إنما خلقه ليرحمه، لا لتعذيبه ولهذا نقرأ في بعض الادعية نص يقول :” الحمد لله الذي لا يؤاخد أهل الارض بألوان العذاب”، وهو القادر على إهلاك الناس جميعا، فهو كما يصف نفسه في القرآن الكريم : {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، فالكل خاضعون ومربوبون له.
والله تعالى يطعينا الفرصةً بعد الفرصة للعيش بحياة طيبة، وفي الآخرة أيضا، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، صحيح أن الانسان لديه تطلعات في الحياة الدنيا، لان السعادة ليست في الآخرة فقط، ولكن يجب أن تكون سعادة الآخرة مرتبطة بسعادة الدنيا.
التزام الفرد بالتعاليم والآداب الاسلامية، خصوصا في القضايا الصحية يجعله يعيش في سعادة روحية وبدنية
فإذا نظرنا الى الجانب الروحي فإن الله تعالى يعطي الحياة الفاضلة، وهذا ما يؤكده قوله تعالى : {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}، فالقلب الذي لا يعتريه خوف من المستقبل، ولا يحمل فيه حزنٌ على الماضي، فصاحب هذا القلب يعيش في سعادة، فلا ماضٍ يحزنه، ولا مستقبل يقلقه، لكن البعض وحتى يحصل على السعادة، فإنه يلجأ الى تعاطي المهدئات والحبوب المخدّرة، والذين يلجأون الى مثل هذه الاعمال، لا يعرفون أن السعادة الحقيقية تكمن في روح الانسان.
ومن الناحية الجسدية، فالمؤمن يبحث عن الأمن – والتي وفرتها أحكام الدين- حيث يقول تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، والانسان المؤمن يعيش المعافاة في جسده، فالعافية نعمة كبيرة لا تتجزأ، وهي تشمل كل شيء، حتى المعافاة من الذنوب، والتي تسبب للانسان النكد في حياته، وبالرغم من أن احكام الدين وشعائره متداخلة، لكنها بالتالي تؤدي الى اهداف متعددة، فالحج والعمرة والزيارة، تحقق اهدافا روحية عالية، فالحج يمنح الانسان الصحة والعافية، كما يقول الحديث الشريف: “حجّوا تصحوا”، وعادة تكون اعمار الحجاج اطول من الذين لم يحجوا، بالاضافة الى الغنى الذي يكتنف الحاج، وقبل ذلك قوة الايمان التي يكتسبها المؤمن الحاج من هذه الشعيرة العظيمة، والتي تحقق غايات كثيرة، وكذلك بقية العبادات كالصلاة والصوم والزكاة، فإنها تحقق أهدافا متعددة، وهناك دراسات علمية كُتبت حول أهمية الصلاة والصيام جسميا وروحيا.
وكلُ هذه العبادات والاداب الاسلامية، تصب في مصلحة الانسان وسعادته، فهناك اداب تعلّم الفرد كيف يأكل ويشرب، وعلاقته مع نفسه والمحيط من حوله، ومن الكتب المفيدة في هذه المجال، كتاب (حلية المتقين) للعلامة المجلسي، والالتزام بهذهه الاداب يجعل المؤمن يعيش العافيةَ والصحة، ولذا نرى بعض المؤمنين أطولا عمرا من غيرهم بسبب التزامهم بهذه المسائل والاداب العظيمة.
يقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، فالذين يريدون الحياة، والتي تتمثل في الناحية الامنية، والصحة، والاقتصادية، لابد من الاستجابة الى تعاليم النبي،صلى الله عليه وآله، ثم يقول تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، فإذا وجد أناس يظلمون آخرين، ولم ينه احدٌ الظالمين، فإن الظلم ينتشر.
-
كورونا وخطر التسييس
بعد انتشار هذا المرض في معظم الدول، لابد من طرح تساؤلات:
لماذا لم يظهر هذا المرض الا في الصين؟ وخصوصا في وقت تشهد الصين حربا اقتصادية مع أمريكا؟
ولماذا تعدى هذا المرض ووصل الى ايران؟ على الرغم من بُعد ايران جغرافيا عن الصين؟
يجب علينا كشعب وكافراد أن نأخذ الحائطة لابداننا، كما نتخذها لديننا، ولهذا ما فهمناه من الدين أن يريد الحياةَ للانسان، فهو يطلب النظافة من الانسان، يقول الحديث الشريف : “إن الله جميل يحب الجمال”، وايضا ” إن الله نظيف يحب النظافة”، والنظافة من الايمان، وهذا ما يؤكده قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، ومن هنا فإن علينا الاستجابة لكلام الاطباء المخلصين، في خصوص الارشادات التي يوجهون بها الناس، للوقاية من هذا المرض، كالمصافحة والمعانقة وما اشبه، يقول الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله: “فر من الجذام فرارك من الاسد”، ولذا لابد من الابعتاد عن التجمعات – مع انه مستحب-، ولابد أيضا الاستفادة الممكنة من الوسائل الطبية المتاحة.
-
الاسلام والثقافة الصحية في افريقيا
لا تزال هناك بعض القبائل الافريقية تعيش حالة من التراجع والتقهقر، لان الاسلام لم يصلهم، ويعيشون في فوضى جنسية غير محدودة، ولهذا انتشر الايدزانتشارا سريعا، وحسب دراسات غربية، فإن هذه الامراض قليلة الانتشار في الشمال الافريقي كونهم ملتزمين بنوعية معينة من أحكام الدين الاسلامي، بعكس المناطق الوسطى والجنوبية، ولذا فهم بحاجة الى الاسلام لهذا السبب، ولسبب آخر وهو الصراعات القبلية التي يعيشونها.
الاسلام يريد من المجتمع أن يكون نموذجيا في كل شيء، وهو يبدأ من الاهتمام بالاسرة التي تواجه هجمة كبيرة، لسلخ المعتقدات والقيم، وابعادها عن التعاليم الاسلامية المثلى
قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، قد تتكاثر الذنوب في بعض الاحيان، وهذه الفتنة قد تصيب الكل بلا استثناء، فقد يحدث مرة في العراق أو ايران، ولكن على الجميع أن يتضرعوا برفع هذا البلاء، ولهذا لابد من استغلال هذا الشهر الكريم، وهو شهر رجب الاصب الذي تصب فيه الرحمة صبّا على العباد، لابد من الالتجأ الى الله تعالى وطلب الرحمة منه.