يواجه الابوان والمربون مشكلةً تكاد تكون من اكثر المشاكل ازعاجاً لهم واحراج لاطفالهم في مواقف معينة، وهذه المشكلة هي مشكلة تدمج بين الخجل والانطواء لتخرج لنا بوجه واحد وهو وجه الانعزال بالنسبة للاطفال عن الناس بصورة عامة وحتى الاقران وتفضيل اقضاء الوقت بمفردهم، فكيف نغيّر من سلوكية الانعزال لدى الاطفال وندمجهم دمجاً علمياً في المجتمع؟
بديهياً ينزوي الطفل الذي يريد البقاء لحاله ولا يود الانخراط في تجمعات عائلية كانت ام عامة، ولا يحبذ اللعب مع الاطفال الآخرين القريبين منه عمراً، وإن اُجبر على الحضور فسيبقى كئيباً يظهر في سلوكياته الرفض لما يجري في المكان، وينتظر المغادرة دقيقة بعد دقيقة وكأنه يغلي على نار وهو ما يدمره نفسياً ولكنه يضطر للسكوت خوفاً او وحياءً.
أن يكون الطفل خجولاً او انطوائياً فهذا امر ليس مخيفاً لكن الخوف يمكن في ان تبقى هذه الطباع ملازمة له ولا يستطيع التغلب عليها مع مرور الوقت وصولاً الى مراحل المراهقة والشباب، وهنا يرتكب الابوين خطأ كبيرا في تركه يفعل ما يريد بداعي عدم اجباره بقولهم (اتركوه لانه خجول، هكذا هو طبعه..) وما اشبه من العبارات التي تشجعه على الاستمرار في هذه السلوكية غير سوية والتي تنم عن مشكلة كبيرة يعاني منها الطفل.
يفيد الطفل ممارسته للانشطة الاجتماعية المختلفة التي ينخرط فيها طوعاً لا كرهاً، فحين يمارس الطفل الهوايات والالعاب مع اقرانه في المنطقة، او مع الاطفال الاخرين في العائلة فإن ذلك سيقدم له فرصة للتعامل والتواصل مع الاطفال
من الواقع:
يفضل صديقي الذي وصل عمر ابنه الى قرابة خمس سنوات او اكثر بقليل عدم اصطحابه معه حين يخرج لمناسبة او جلسة اجتماعية تجمعنا نحن الاصدقاء في منازل احد منا، وعند ذهابنا اليه ينظر الينا ابنه من فتحة في باب غرفة الضيوف ولا يريد الدخول الينا، وفي كل مرة نقول لوالده: عليك ان تعلمه الحالة الاجتماعية والاختلاط، ولكن لا جدوى لكون الاب يعتقد ان هذه هو طبعه ولا يمكن تعديله وهذا اعتقاد مغلوط وغير منطقي، فحتى وان كان في طبعه يميل الى الانعزال يمكن تطبيعه على العكس تدريجياً عبر خطوات علمية واقعية يمكن ان تعدل من سلوكه وتجعله اجتماعياً محبوباً لدى من يعاشره ويختلط به.
كيف اجعل طفلي اجتماعياً؟
من ضمن اهم الامور التي تجعل الطفل اجتماعياً مايلي:
1- السماح له بالخروج الى الضيوف واستقبالهم والجلوس معهم والتحدث اليهم واعطائه مساحةً للتعبير عن نفسه بالاحترام والابتعاد عن زجره واسكاته، وبذا تقل لديه مشاعر الخوف والرهبة، ويتعلم قواعد الضيافة والطريقة الصحيحة لاستقبال الضيوف التي ستساعده فيما بعد على تطوير خبراته الاجتماعية.
2- يفيد الطفل ممارسته للانشطة الاجتماعية المختلفة التي ينخرط فيها طوعاً لا كرهاً، فحين يمارس الطفل الهوايات والالعاب مع اقرانه في المنطقة، او مع الاطفال الاخرين في العائلة فإن ذلك سيقدم له فرصة للتعامل والتواصل مع الاطفال الاخرين لتتشكل لديه السلوكيات الاجتماعية وتستمر معه في كل مراحل حياته، والعكس هو الذي يحصل فحين لا يتشرك مع الاقران في الطفولة فأنه يبقى على حالة من العزلة غير الصحية.
3- يتعلم الطفل الحالة الاجتماعية من والديه بأعتبارهم القدوة له، وهو ما يجعل من اصطحاب الطفل في المناسبات الاجتماعية المفيدة امراً في غاية الاهمية، إذ يقلد الاطفال ما يصدر من ابويهم من سلوكيات وبالتالي يتعلمون السلوكيات الاجتماعية التي تدفع باتجاه تكوين وبناء انسان اجتماعي وهذا هو المراد.
أن يكون الطفل خجولاً او انطوائياً فهذا امر ليس مخيفاً لكن الخوف يمكن في ان تبقى هذه الطباع ملازمة له ولا يستطيع التغلب عليها مع مرور الوقت وصولاً الى مراحل المراهقة والشباب
تحذير هام:
من المهم ان يتلفت الوالدان الى ضرورة عدم إجبار الطفل على الانخراط بين الآخرين دون الاستماع إلى مخاوفه ومشاعره التي يشعر بها، وهنا ينصح الأخصائيون النفسيون الوالدين بمحاولة الحديث مع الطفل عن مخاوفه، واتباع بعض الوسائل لعلاجها بالطريقة الصحيحة بعيداً عن الفرض الذي يكون ارتدادات عكسية غير مريحة للاهل ولن تحل المشكلة بالمطلق بل العكس.