ينتابنا احياناً شعوراً سيء عند استذكار مواليدنا وحساب اعمارنا، وذلك يحصل في كل مرة نسأل عن العمر، وكلما تقدمنا في العمر كلما زاد هذا الشعور واصبح مصدر قلق وازعاج للانسان الى الحد الذي يجعل الكثير من الناس يسيطر عليهم الخوف من فقدان الوقت وضياع الكثير من الفرص عليهم، وهذا الشعور يأتي من باب الحرص على الاستثمار الامثل للوقت من جهة، والخوف الغير منطقي الممتد من الماضي من جهة اخرى.
يبدو ان هذا شعور يسيطر على الكثير من الناس، فعندما تطالع حياتهم تجدهم يتملكهم شعور بأن سنواتهم الاولى مرت ببطء شديد، على عكس السنوات اللاحقة التي بدت تهرول شيئاً فشيئاً مع التقدم في السن وفي العادة يصاحب هذه الحالة الشعورية خوف من استمرار في بعض السلوكيات في محاولة للتعامل مع الوقت، وهو ما يجعل الفرد يقع في بعض الاخطاء السلوكية الناتجة من الارتباك وسوء التقدير.
من الاكثر شعوراً بالمرور الوقت سريعاً؟
الرجال والنساء يتعرضون لهذا الشعور وليس لاحد ان يدعي غير ذلك، غير ان النسب تختلف من جنس لآخر، اذ ترتفع النسبة لصالح النساء لدواعٍ عدة منها البنية النفسية التي توصف بكونها اقل مرونة، بالاضافة الى التأخر عن تحقيق الاهداف ومنها الزواج الذي يعد بالنسبة لهم واحد من اكثر الاهداف الحياتية اهمية في حياة الانسان، لما له من انعاكسات ايجابية على حياته واستقرارها النفسي والعاطفي والذي يعد غيابه مشكلة حقيقية سيما لدى النساء.
أغلبية الذي يشعرون بتقدم العمر السريع هم ممن يشعرون انهم لم يحققوا شيئا بعد
وقد اظهرت دراسات نفسية اجراها مختصون في علم النفس لمعرفة مديات انتشار هذا الشعور النفسي لدى الانسان نتائج تفيد بأن فئة طلبة الجامعات هم الاعلى مستويات من الخوف من المرور السريع للوقت، فلديهم إحساس بأن الوقت في حاضرهم يمر أسرع مما كان في طفولتهم أو مراهقتهم، ولعل مرد ذلك يعود الى قضاء سنوات طويلة من عمرهم في الدراسة، وبالتالي يشعرون انهم لا يزالون يحتاجون الى الكثير من العمل لتأمين احتياجاتهم المادية الطبيعية لتأمين متطلبات حياتهم المختلفة.
مثال واقعي:
لو تحدث اي منا مع طالب في الجامعة او انه تخرج للتو عن مشاريعه القادمة في الغالب سيجيب بكونه لايعرف ماذا سيفعل! وان حياته مرت سريعاً مما يجعله يريد قضائها على اي شكل من الاشكال وهو ما يجعله اقل جدية ربما، او انه يعتقد ان فترة الانجاز فاتته وفرص الانجاز تقلصت، وهذا ما يعضد قولنا ان هذه الفئة هي الاكثر شعوراً بمرور الوقت سريعاً، لكن مما يجدر الاشارة اليه ان الامر نسيباً وليس من المنطقي تعميمه بأي شكل من الاشكال.
على غير العادة:
اسلفنا القول: أن أغلبية الذي يشعرون بتقدم العمر السريع هم ممن يشعرون انهم لم يحققوا شيئا بعد، غير ان هذا الامر لا يقتصر عليهم، بل يوجد من يستقر في وظيفته ومتزوج ويمتلك منزلاً لكن يسيطر عليه هذا الشعور.
اظهرت دراسات نفسية اجراها مختصون في علم النفس لمعرفة مديات انتشار هذا الشعور النفسي لدى الانسان نتائج تفيد بأن فئة طلبة الجامعات هم الاعلى مستويات من الخوف من المرور السريع للوقت
وذلك يحصل بفعل الروتين في فرض سيطرته على حياتهم ويحولها الى حياة رتيبة غير متجددة وليس فيها تخطيط لاهداف مستقبلية كما هو الحال بالنسبة لغالبية الموظفين الذين يفضلون القبول بالموجود والبقاء فيه والابتعاد عن السعي للتطوير الذاتي.
في الختام؛ الى من يشعر بالمرور السريع للوقت نقول: عليك ياسيدي ان تعي حقيقةً، وهي انك في هذه الحياة لديك نقطة بداية، وهي لحظة ولادتك، ونقطة نهاية وهي لحظة وفاتك، وما بين هاتين النقطتين عليك ان تدير وقتك جيداً، وتعمل بكل تفاني في سبيل خدمة نفسك عبر تحقيق اهدافك الحياتية، وتحقق ما يمكنه تحقيقه بعيداً عن جلد الذات او لومها، لكون ذلك يضعفك نفسياً وهو ما ينعكس على جميع تفصيلات حياتك من دون الوصول الى فائدة تذكر وهذا الذي لا نتمناه.