تخرجت من المرحلة الجامعية (البكالوريوس) في عام 2013م ولأن فرص التوظيف ليست يسيرة الحصول كنت مضطراً للعمل بصفة اخرى غير الصفة التي توافق تخصصي الجامعي، ومضيت على هذا الحال فترة طويلة، كنت اشعر بالرضا الجزئي لكوني حصلت على فرصة توفر لي قدراً من المال يساعدني على الوصول الى هدف حياتي، كنت قد وضعته لنفسي على امل ان يتحقق في المسقبل القريب.
في يوم ما اجتمعت بأحدهم الذي كان يشتاط غضباً لحصولي على عمل، لكنه يحاول ان لا يظهر هذا الشيء، سيما عندما اتحدث ويلمس تقديراً لي عملي، فكان يحاول التقليل من اهمية شهادتي بقوله مامعناه (انت ستبقى مدفون في هذه الوظيفة) مع ضحكة خبيثة، هذا الموقف وسواه من المواقف المماثلة تقريباً اوقدت في داخلي نار الطموح للحصول على شهادة اعلى ووظيفة مناسبة اكثر، وهذا الذي حصل بتوفيق الله، وهذا هو الاستفزاز الايجابي الذي سنبين فوائده للقراء الكرام.
- ماهو الاستفزاز الايجابي؟
الاستفزاز الايجابي هو سلوكية تُمارس بقصد التثبيط احياناً لكنها تأتي بنتائج عكسية، فقد تعمل على استنهاض طاقات كامنة في النفس، وكثيراً ما يمارسها المعلمين لطلبتهم الاذكياء لتحفيزهم على مزيد من العطاء والجهد، وتشغيل كافة ملكات الدماغ التي توعز الى الجسم بزيادة الحركة للوصول الى نسب انجاز اعلى وبالتالي تحقيق اهداف اعلى ورتب علمية ووظفية وعملية اعلى.
⭐ الاستفزاز الايجابي هو سلوكية تُمارس بقصد التثبيط احياناً لكنها تأتي بنتائج عكسية، فقد تعمل على استنهاض طاقات كامنة في النفس
درج عند الغالب من الناس ان الاستفزاز يحمل صفة السلبية فقط، فحين يستفز انسان انسانا آخر يريد ايذاءه وسحبه الى منطقة الصراع بأساليب مختلفة من الاستهزاء والتحرش اللفظي وحتى عبر الايماءات الجسدية وغيرها من الاساليب الخبيثة، لكن هنالك الاستفزاز الايجابي يغفله الكثير ولا يعون فوائده للانسان المستفزة او على الطرفين الذين يشتركان في هدف واحد.
- عوائد الاستفزاز الايجابي:
إن الاستفزاز الإيجابي حين يصبح ثقافة مجتمعية حاضرة في الوسط الاجتماعي والعالم الافتراضي من الضرورة بمكان، سيما ونحن نعيش في هذا العالم المزدحم بالمعلومات والمنفتح باتساع الأفق في التواصل مع الآخر من ثقافات متعددة، رؤى ودراسات، أفكار تأملات وغيرها الكثير الامور التي باتت متوفرة، مما أفقد الانسان الرغبةَ في التمسك بالاشياء، فبات الانسان حيال ذلك اشبه بالحيران في ان ينحى هذا المنحى او ذاك ليأتي الاستفزاز موجهاً لطاقة الانسان ومحفزاً لها بأتجاه تحقيق مناه وغاياته في الحياة.
⭐ الكثير من الافراد لديهم عقول مفكرة تحمل وعي وثقافة وكمٍّ معرفي كبير، لكن ينقصهم الرغبة في العمل والتماهي في الحسم، فكيف يمكن تحفيزهم على العمل؟
وقد يخرج الاستفزاز عن وظيفته السابقة الى وظيفة تدفع باتجاه التطور، وهو تماما ما يحصل حين يريد مدرب فريق كرة قدم تحفيز لاعبيه للفوز، فيبدأ بطرح اسئلة تشكك بقدرتهم على الفوز بقوله مثلاً( ان هذه الفريق سيجعلكم تعتزلون كرة القدم، من انتم لتفوزن على هذا الفريق القوي) وغيرها من العبارات التي تجعلهم يتحمسون لاظهار العكس لمدربهم وللمشاهدين وبالتالي يهزمون الفريق بسهولة، وبذا يكون الاستفزاز نافعاً لا ضاراً ولا مزعجاً.
كما ان المعلّم يستفز طلبته الذين يتنازل معدلهم لسبب اولآخر بقصد اعادة النظر في طريقة مذاكرتهم او اعادة تنظيم وقت الدراسة، او تغيّر مكان الدراسة او ترك اللعب، وفي هذا الاستفزاز يحقق الهدف وهو رفع مستوى الطلبة واعادتهم الى مستوياتهم الطبيعية بعد التدني الذي حصل، ويستخدم المستفز اساليب ذكية يستطيع عبرها ان يشعل النار في طلبته دون ان يعلموا مسبقاً انه يريد العودة بهم الى جادة التفوق والنجاح.
في الختام ــ سيدي القارئ الكريم ــ نقول: ان الكثير من الافراد لديهم عقول مفكرة تحمل وعي وثقافة وكمٍّ معرفي كبير، لكن ينقصهم الرغبة في العمل والتماهي في الحسم، وهم بحاجة الى من يضعهم على السكة، وهذا هو الدور الذي يقوم به الاستفزاز الايجابي، لذا لا تكرهوا من يتفزنوكم استفزازاً من هذا النوع، بل اشكروهم لانهم ايقضوكم من سباتكم ولهم الفضل بعد الله في نجاحكم وصحوتكم.