الأخبار

بعد ان كان في المقدمة؛ العراق يتراجع في انتاج التمور

الهدى – متابعات ..

بعد عام 2003، واجه قطاع زراعة النخيل في مناطق عدة من العراق تراجعا لافتا، ومعه تراجعت قدرة البلاد على إنتاج التمور والتصدير سنويا.
فمنذ الغزو الأمريكي للعراق وما تبعه من فوضى سياسية، بدأ التراجع في الاهتمام المحلي بالقطاع الزراعي بشكل عام، وتركيز الاهتمام نحو صناعة النفط.
ومؤخرا، شهد القطاع مزيدا من التراجعات الناجمة عن ضعف الاهتمام الحكومي، والتغير المناخي الذي أثر على موعد تساقط الأمطار، وشحها في مواسم الشتاء.
أمام هذه الظروف، تغيرت أولويات الزراعة للفلاح العراقي إلى الحنطة والشعير، والتي تعتبر أيضا محاصيل استراتيجية، لكنها جاءت على حساب النخيل.
ويسجل العراق تراجعا في أرقام نسبة إنتاج التمور سنويا، بعد أن كانت حصته تتجاوز 10 بالمئة من حجم الإنتاج العالمي، وفق بيانات حكومية، بينما لا تتجاوز حاليا 5 بالمئة.
وسجل العراق تصدير 650 ألف طن من تمور “الزهدي” إلى الأسواق العالمية في 2022، وفق إحصاء رسمي صدر عن وزارة الزراعة.
وتشير إحصاءات رسمية لعام 2023، أن عدد النخيل في العراق بلغ أكثر من 20 مليون شجرة منتجة، نزولا من قرابة 32 مليونا في ثمانينيات القرن الماضي.
ويقول أمين سر الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في بابل يحيى الحميري، إن “الفرق كبير بين زراعة النخيل والإنتاج، النخلة العراقية نتج سنويا بين 100 – 125 كيلوغراما وأحيانا يصل الإنتاج إلى 150 كيلوغراما”.
وأضاف الحميري، أن “إنتاج النخيل هذه الأرقام من الإنتاج، يعتمد بالدرجة الأولى على المكافحة الجيدة، ووفرة المياه، ومعالجة الأمراض التي تصيب النخلة كل موسم”.
وزاد: “شح المياه عامل مهم يؤثر على مستوى إنتاج النخيل، خصوصا في مدن الفرات الأوسط جنوب العراق، إذ بات المزارعون في تلك المحافظات يعانون من شح المياه لري مزارع النخيل”.
وتابع: “أغلب الفلاحين بجنوب العراق يعتمدون على مصادر الري القديمة، أي السقي على الأنهار والسواقي التي تتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه، وذلك لعدم توفير الدولة ووزارة الزراعة آلات حديثة للري”.
لكن في محافظات عراقية أخرى، بدأ الاعتماد بالزراعة على طريقة الري بالتنقيط، خاصة في محافظتي النجف وكربلاء.
وبدأت الحكومة العراقية الحالية تشجع مستثمرين على زراعة النخيل في المناطق الصحراوية، لزيادة إنتاج التمور وتصديرها كالسابق.
وبحسب أمين سر الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية، فإن الحروب التي شهدتها البلاد كان لها دور فاعل في تقليل أعداد النخيل، إضافة إلى عمليات تجريف البساتين من قبل المزارعين، وتحويلها إلى أراض سكنية وبيعها.
ويبلغ عدد أصناف التمور العراقية 625 صنفا، أشهرها الزهدي، والخستاوي، والحلاوي، والبرحي، والساير والخضراوي، والألوان، والمكتوم، والبربن؛ ينقسم أيضا إلى قسمين: تمور جافة وشبه جافة، وتجارية.
ويشكو أصحاب مزارع النخيل قلة الدعم الحكومي للاستمرار في زراعة النخيل، واستعادة البلاد لمكانتها الزراعية في إنتاج التمور.
من جانبه، يقول محمد حسن سلمان وهو مزارع وعضو اتحاد الجمعيات الفلاحية، إن الحكومة العراقية لم تمنح الفلاح دعما على شكل تقديم معدات زراعية وأسمدة عضوية ومبيدات لمكافحة الحشرات الضارة.
وأضاف سلمان، أن “أسبابا أخرى أثرت على إنتاج النخيل، تتمثل في شح المياه وعدم تجهيز المساحات المزروعة بالنخيل بأدوات ري حديثة، ما اضطر الفلاح إلى حفر الآبار للحصول على مياه الري”.
وتابع: “الدولة لا تتسلم أي كميات تمور من الفلاح، لعدم وجود مخازن رسمية لخزنها، كما أن عدد تصاريح التصدير قليلة، الأمر الذي يخلق فائضا بالأسواق وتراجعا بالأسعار”.
من جهته، يقول المزارع محمد كاظم، إن الجهد الحكومي لأصحاب تطوير مزارع وزراعة النخيل، موجود، لكنه ضعيف إذا ما قورن بالأعوام لسابقة، أي قبل الغزو الأمريكي للعراق.
ويشير كاظم، إلى أن المشاكل التي تواجه فلاحي بساتين النخيل عديدة، لكن أبرزها عدم وجود شركات تسويقية من قبل الدولة تستوعب الإنتاج المحلي، الأمر الذي يدفع الفلاح إلى بيع محصوله للتجار.
ويعدّ العراق، الغني بالموارد النفطية، من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، وفق الأمم المتحدّة، خصوصاً بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة من فصل الصيف 50 مئوية.
والعراق أيضا، من أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم، إذ كان أول ظهور موثق لشجرة نخيل التمر في العالم، في مدينة اريدو التاريخية جنوبي البلاد (حوالي 4000 ق.م) والتي كانت منطقة رئيسية لزراعة نخيل التمر.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا