رفع المؤتمر الأول “لضحايا انتهاكات الحكومة السعودية” النقاب عن الكثير من الانتهاكات التي تعرض لها عدد كبير من المعتقلين ووثقت من قبل ذويهم، وهي تحاكي ما يعانيه النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في سجون الرياض و زنازين المباحث والتحقيقات.
ونظمت بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في 10 ديسمبر، المنظمة “الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان” مؤتمرا لضحايا انتهاكات الرياض، عبر تقنية الاتصال الإلكتروني، وشارك فيه عدد من ضحايا الانتهاكات أو ذويهم أو من يعبر عن معاناتهم، إلى جانب محامين دوليين متخصصين في حقوق الإنسان.
المؤتمر عقد على مدى جلستين، افتتح حسن الحبيب ابن الشيخ المعتقل تعسفيا محمد الحبيب الجلسة الأولى، وتحدث عن قضية والده والانتهاكات التي تعرض لها، وكشف عن حجم المضايقات التي تعرض لها والده على خلفية مواقفه بدأت منذ ما قبل اعتقاله.
الشيخ الحبيب المحكوم بالسجن 12 عاما والمنع من السفر 5 أعوام، بعد أن تم تبرئته من نفس التهم، أكد أن عائلته تبحث عن سبل الانتصاف في القضية في الداخل والخارج، للوصول إلى العدالة.
وتخلل المؤتمر مداخلة من مواطنة من جنوب أفريقيا “يمنى ديساي” وهي تعرضت لاعتقال تعسفي خلال دراستها في جامعة حائل، وكشفت عن الانتهاكات التي تعرضت لها ومنعها من حقوقها الأساسية هي وأخوتها، وأكدت أن ما تعرضت له، يتعرض له مئات المعتقلين والمعتقلات تعسفيا في السعودية، موضحة أن المحكمة حكمت عليها بالسجن 3 سنوات ظلما على جريمة لم ترتكبها.
ولأن انتهاكات السلطات السعودية تتخطى الحدود، فقد تحدث المواطن اليمني يحيى درهم، عن مأساة عائلته التي سببتها غارات العدوان على اليمن.
وقال درهم، إن اليمن وكل الضحايا يطالبون بالتحقيق في هذه الانتهاكات ومحاسبة المنتهكين ومجرمي الحرب وخاصة ولي العهد محمد بن سلمان، كما سأل هل سيعوض شيء عن آلاف الضحايا؟.
وبالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ومحاكمة الناشطة المعتقلة لجين الهذلول، تحدثت خلال المؤتمر شقيقتها علياء الهذلول، كاشفة عن التعذيب الشديد الذي تعرضت له على يد مسؤولين سعوديين، بشكل سري.
واتهمت “المسؤولين في السعودية بأنهم يريدوا أن يرهقوا لجين وأن يصمت كل من يتكلم عن ما حدث معها، وهذا ما لن يحدث”، وتابعت أن لجين، وكل المعتقلات اللواتي يتعرضن لمثل ما تعرضت له، ليسوا وحدهم.
بدوره ،نائب مدير “الأوروبية السعودية” عادل السعيد، الذي افتتح المؤتمر بكلمة أشار فيها إلى أنه منذ تسلم الملك سلمان وولي عهده محمد، الحكم باتت انتهاكات حقوق الإنسان ممارسات روتينية، ولا يجد آلاف الضحايا وذويهم سُبلاً للانتصاف من المجرمين الرسميين، جراء ارتهان الجهاز القضائي لرئاسة أمن الدولة.
وبحثا عن سبل الانتصاف، تحدثت المحامية كليمنس بكتارت، من مجموعة إجراءات التقاضي التابعة للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، وعرضت مشروعا مشتركا عملت عليه عدد من المنظمات.
وشددت على أن العمل بشكل جماعي وجدي يساعد الضحايا في الوصول إلى العدالة والاقتصاص من المنتهكين والحد من الأضرار الجانبية لمثل هذه القضايا والتي لا يمكن تجاهلها.
وألقى رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية الناشط في مجال حقوق الإنسان وصاحب أول قضية ترفع على ضابط متهم بالتورط في قضايا قتل وتعذيب والقضية منظورة الآن أمام المحاكم الألمانية، المحامي أنور البني، كلمة حول إجراءات التقاضي الدولية، مبينا الفرق بين الجرائم والانتهاكات.
وخلال الجلسة الثانية من المؤتمر، التي افتتحتها الدكتورة، حصة الماضي، أضاءت على معاناة ربع مليون شخص تقريبا في “السعودية” من مسألة الحرمان من الجنسية.
ونبهت إلى أن عديمي الجنسية هم عدة أقسام، بينهم البدون ومواليد السعودية، إلا أن الحكومة تتعاطى مع الملف بسلبية من دون خطوات فعلية، وهذا ما يفاقم مأساتهم ومعاناتهم.
من جهته، الناشط السياسي والباحث أمين النمر، تحدث عن قضية احتجاز جثامين الشهداء رغم أن القوانين الدولية كما الشريعة الإسلامية تؤكد على حق العائلة بدفن فقيدها، على الرغم من ذلك تحتجز السعودية جثامين الأفراد التي تعمد إلى إعدامهم.
وتناول رفض السلطات تسليم جثمان الشيخ الشهيد نمر باقر النمر رغم مطالبة العائلة به بعد الإعلان عن إعدامه، كما أنها تحتجز 80 جثمانا على الأقل، طالبت عدة عائلات بها، كما أشار إلى أن هذه الممارسة تطال العمال الأجانب، معتبرا إن إستعادة الجثامين حق، والعدالة هي محاكمة من ارتكب جريمة قتلهم أساسا.
من جهته، جيمس سوزانو، مدير الشؤون القانونية في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، كشف عن أن هناك توجه عالمي جديد حاليا في التعاطي مع الولاية القضائية العالمية، موضحا أن الأمم المتحدة وآلياتها وبرنامج الإجراءات الخاصة فيها، هي ضمن السبل المتاحة حاليا للدفاع عن الضحايا.
واختتم المؤتمر نائب مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، بتوضيح أنه “من خلال ما تم عرضه فإن الآليات الدولية في الانتصاف القانوني تطورت في السنوات الأخيرة مقارنة بالسابق، وباتت هناك فرص، لا شك أنها حتى الآن غير تامة وكاملة وفيها قصور وبعض العقبات، ولا تضمن جميع حقوق الضحايا ومحاسبة جميع المجرمين، ولكن توجد فرص متعددة تمكن الضحايا من إمكانية محاسبة المجرمين الرسميين حينما تتوفر الشروط”. لمتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي