الهدى – متابعات
بين الاعتقالات وعمليات الدهم والانتهاكات وسفك الدماء، وبين صورة مغايرة لواقع الحياة التي يكابدها أبناء “القطيف والأحساء” نتيجة انهماك آل السلطة في تنفيس غلها ضدهم، وتدعي أمام العالم صورة مغايرة لواقع ما تحيكه من مصائب وانتهاكات بحق المنطقة، تتبلور مشهدية المزاعم والادعاءات في العمران والتطوير في المناطق التي انقضت عليها، وهدمتها وهجّرت أبناءها، وقضت على إرثهم وحياتهم بكل ما تحمل من تفاصيل صغيرة وكبيرة.
حيّ “المسوّرة” الأثري، الذي يعود تاريخه لأكثر من 400 عام، انقضّت عليه آلة الهدم والتدمير وعاثت فيه خراباً، وحوّلت بيوته الأثرية إلى ركام وحطام متجمعين على الأرض عام 2017، وعلى الرغم من الدعوات الأممية بضرورة التدخل للحفاظ على الحي وتحسينه وتمكين أهله من تخليد آثارهم، لم ترتدع السلطات وهدمت الحي بحجة العمران والتطوير، اللذين برزا على شاكلة مغايرة من المزاعم، بعد سنوات الاعتداءات.
أرض المسورة بالقطيف، التي هدمت مساجدها ورحّل أبناءها وشردوا وارتوت الأرض بدماء أكثر من 30 شهيدا بينهم أطفال وعشرات الجرحى، وكل ذلك تحت مزاعم العمران، تحول بفعل سياسات السلطة في المنطقة إلى ساحة للمهرجانات والترفيه، التي كان يمكنها أن تقام في أي بقعة أخرى من المنطقة ذات المساحات الشاسعة، ورغم أهمية المهرجانات والفعاليات التي تحتاجها المنطقة، إلا أنه لا مقارنة يمكن أن تكون بين اقتلاع أصحاب الأرض من جذورهم وهدم بيوتاتهم وبين إقامة فعاليات متنوعة لإرضاء رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030، المصوّبة أهدافها ناحية تغيير الهوية الثقافية والاجتماعية للمنطقة.
منتصف أكتوبر الحالي، افتتحت السلطات ما اسمته “فعاليات مهرجان اليوم الدولي للمرأة الريفية”، وجرى الترويج له عبر مقاطع فيديو مصورة لامرأة وسط المنطقة تختلف بشكلها وملابسها وتصرفاتها مع ما تتصف به المرأة في القطيف، في فصل يعكس ما تحكيه السطة في استهداف المنطقة ومحاولة تغيير وتبديل هويتها الثقافية والدينية والاجتماعية،
ووفق ما وصف مصدر أهلي خاص لـ”مرأة الجزيرة” منتقداً الممارسات التي تحاك ضد القطيف ومحاولات إدخال مفاهيم التغريب عليها رغم اعتزازها بالمحافظة على تفاصيلها التزامها وعاداتها وتقاليدها الدينية والاجتماعية، التي تبتعد كل البعد عما روّج له في هذا المهرجان المزعوم، الذي لايحاكي حرائر القطيف لا من قريب أو من بعيد.
ويقول المصدر أن النظام ومنذ تهديمه لحي المسوّرة الأثري وارتكابه لانتهاكات جمّة بفعل كل ما بوسعه للانقضاض على المنطقة في ومحاولات لتبديل الوجه الأنقى للقطيف التي تأبى الانكسار أمام هجمته وهمجيته المتعمدتين.
يذكر بأن العام الماضي وفي محاولة للتهرب من هول جرائمها في المسورة عمدت السلطة إلى إقامة مهرجان الزهور على أنقاض المساجد وأرواح الشهداء، رغم أن هذه المشاريع كان يمكن لها أن تنشأ في أي مكان أخر غير مأوى وسكن العائلات.
ولاشك أن المشاريع التي تجري وسط العوامية، تكشف الإستهداف الممنهج وغير المبرر ضد أهالي “المسوّرة” والقطيف، وهي تكشف الحنق السلطوي في النيل من أبناء المنطقة ومحاولة تغيير وجهها، إثر الانتهاكات الممارسة ضد أبنائها من جهة والعمل على إدخال مفاهيم تغريبية من جهة أخرى.