أقام مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرّسي في كربلاء المقدسة، اليوم الاثنين، مؤتمر الخطباء والمبلغين السنوي.
وفيما شهد المؤتمر تطبيق الاجراءات الوقائية والصحية من تباعد اجتماعي وارتداء للكمام وتعفير للمكان، ألقى سماحة المرجع المدرسي كلمةً متلفزة على الخطباء والمبلغين المشاركين في المؤتمر.
واشار سماحته في كلمته، والتي تابعتها مجلة الهدى، الى ان الايام العشرة الاولى من محرم الحرام هي ينبوع كل خير وهي كما ليلة القدر والتي ليس كمثلها وقت، لافتا الى ان هذه الايام العشر هي زدانا ووسيلتنا التي نتقرب بها الى الله، كما انها محور حركتنا في الامة، وبالذات الموالون لاهل البيت عليهم السلام.
واضاف سماحته ان الموالين لاهل البيت عليهم السلام يتزودون في هذه الايام العشر بما ينفعهم لكل العام، ويواجهون ضعف انفسهم ويتحدون اعدائهم ويواجهون الوساوس الشيطانية التي تحاول اغلالهم، ويواجهون الكربات سواء عبر عمل أو جهاد او عبر الدعاء والتوسل، ومنها فيما يتعلق بهذه الجائحة اللعينة التي اصابت امتنا بهذه المرحلة.
هذا وقدم سماحته خلال المؤتمر مجموعة من التوصيات للخطباء والمبلغين في كربلاء المقدسة، حيث دعا الى ان نجعل الامة تعايش ملحمة عاشوراء وان تكون جزء منها، لافتا الى ان هذه المعايشة مختلفة عن مجرد الاستماع وحتى من التفاعل، وهي معايشة ان يرى الانسان نفسه ضمن هذه الماساة، فحوادث عاشوراء عظيمة وعلينا ان نرتفع الى مستوى استيعابها ومعايشتها والوصول الى قممها المضيئة.
وطالب سماحته بان لايكون ذكر حوادث عاشوراء وسردها كاي حوادث اخرى، لان هذه الحوادث هي حوادثنا وهذه الاحداث ترتبط بنا وبمعاشنا واخرتنا وبهويتنا وبكل شيء منا، مشيرا الى ان الخطباء والشعراء والمنشدون والمؤلفون عبر التاريخ كانوا يحاولون معايشة هذه الحوادث وجعلها كانها تنبض بالحياة امام المجتمع.
وبين ان خطباؤنا كانت لهم ابداعات عظيمة في مثل هذه المناسبة مناسبة عاشوراء، وكذلك الناس كانت لهم مساهمتهم عبر ما يسمى بالتشابيه والاساليب التي يبدعونها في هذه الايام.
وشدد سماحته على ضرورة الوقوف امام الدعاية المضادة لهذه النهضة الكبرى، والتي كادت ان تقضي على جزء من هذه النهضة، معربا في ذات الوقت عن اسفه من ان بعض من الذين يدّعون الايمان والولاء يحاولون التقليل من اهمية هذه الايام العشرة، بينما كان الائمة سلام الله عليهم بالعكس من ذلك يعظمون هذه الايام ويحيونها ويحرضون ويرغّبون الناس في زيارة الامام الحسين والاهتمام بشعائره عليه السلام.
وتابع سماحته ان الخطيب حينما يصعد المنبر يجب ان يجد نفسه في ارض المعركة كانه واقف فيها ويشاهد احداثها ويصورها لنفسه قبل ان يتحدث مع الناس، منطلقا من خلال ذلك مما يسمى بـ(الرؤيا المعايشية).
وقال سماحة المرجع المدرسي ان مجتمعنا يعاني من المرض مثله مثل باقي المجتمعات التي تعاني من الكوارث والمآسي، مضيفا انه يحق لمجتعمنا ان يصاب بالكوارث فالاعلام المضاد يعصف به وذلك كان من الاسباب التي أدت الى نمو الطفيليات الفكرية والامراض النفسية وعلينا ان نتحداها.
واوضح سماحته اننا حينما نتحدث عن الامام الحسين نتحدث عن البطولة بكل معانيها، وعن الاخلاق بانبل واسمى ابعادها، متابعا بالقول ان على الخطيب ان يحاول اعلاء نفسية المجتمع خلال هذه الايام الى مستوى استمداد البطولة والاخلاق والنبل من ملحمة كربلاء، حتى يتجاوز الناس هذه الظروف الصعبة، ومبينا ان الظروف الصعبة والمآسي مرت بكل الامم بالتاريخ، وكوننا جزء من هذه الامم فنحن أيضا تأتينا هذه الماسي، ولكن علينا ان نرتفع عن هذه المأسآة الى مستوى الصديقة الصغرى زينب، سلام الله عليها، التي قالت حينما سألها ذلك العدو وهو يشمت بها حينما قال لها: كيف رايت صنع الله بك، قالت: ما رايت الا جميلا.
واكد سماحته على ضرورة قيادة مجتمعنا وفق منهج ابي عبد الله الحسين عليه السلام واصحابه واهل بيته، ووفق روح عاشوراء، داعيا الى استلهام هذه الروح وهذه القصة التي هي هويتنا وشخصيتنا وتاريخنا وان لا نتنازل عنها.
وقال سماحته اننا في هذه المرحلة الصعبة قررنا ان نتحدى، وليس بمعنى ذلك ان نتجاوز البروتكولات الصحية، ولكن نبحث عن وسيلة، من خلال ان نجعل من بيوتنا حسينيات ومراكز للتصدي للاعداء.
واعرب سماحته عن امتنانه لشعبنا في العراق ولبطولاته ولقدرته على تحمل المآسي، مشيرا الى ان تلك المآسي بالرغم من تواترها الا انه ما زال بهذا النهج، نهج الحسين عليه السلام.
وتابع سماحته ان الشعب العراق يتميز بالولاء الجدّي لاهل البيت وللامام الحسين عليهم السلام، وكذلك للمرجعية الدينية المنبثقة من هذه الملحمة، مضيفا ان الشعب العراقي شجاع وبطل وبطولاته عبر التاريخة وفي الاحداث الاخيرة في مواجهة الارهاب.
واضاف سماحته ان الشعب العراقي معطاء كريم جواد يده مفتوحه، وتشهد له بذلك ضيافته لزائري ابي عبد الله الحسين عليه السلام، فترى سفرة ممتدة من الناصرية الى كربلاء ومن البصرة الى كربلاء ومن بغداد الى كربلاء.
واشار سماحته الى ان هذه الضيافة الحسينية تجلت في هذا الشعب العظيم، ولكن مع ذلك نحن بحاجة الى خطوات اخرى، وان نتحرك الى الامام، وان نرسم خارطة المستقبل، فنحن بحاجة الى ان نبحث عن دولة كريمة، الله يعز بها الاسلام واهله ويذل بها النفاق واهله، ويجعلها مقدمة لدولة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
هذا ودعا سماحته الخطباء والمبلغين الى ان ان يزرعوا الثقة في الناس بانفسهم وبتاريخهم وهويتهم وشخصيتهم وفي مواجهة اعدائهم الذي يريدون ان يزعزعوا هذه الثقة من انفسهم، وان يزيلوا اقدامنا عن مراسيها ويشككوا في كل شيء.
وحذر سماحته من ان الاعداء يريدون ان يرسموا لنا خارطة الطريق التي تخدم مصالحهم، ولذا تراهم يحاولون التدخل حتى في علاقتنا مع بعضنا وتعاملنا مع الاسرة، وهم يحاولون بذلك تفكيك الاسرة وهذه خطتهم وهو امر دبر بليل ولذلك، على خطبائنا ان يستفيدو من ههذ الايام باقصى قدر ممكن ويوجهون الامة الى تاريخها والى ملحمتها وهويتها وقيمها وشخصيتها، وان شاء الله بعد هذه الايام ستجدون انفراج في كثير من الامور.