تدبرات في سورة (إبراهيم) شهر رمضان المبارك / 1441 هـ – (الدرس الرابع عشر)
الكلمة الطيبّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (26))
لأنّ الكون جُعل على محور الحق، والنظام القائم في الخليقة مهما افسده البشر الّا أنّه سيعود الى محور الحق، ومهما حكم الباطل واستأثر لكنّ الحُكم سيعود للحق، كما قال ربّنا سبحانه:
[وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ]
يقول ربّنا تعالى:
[أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً]
الكلمة جزءٌ من الحقيقة، لو تأمّل الانسان في هذا الجزء سيعرف سائر الحقائق.
[كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ]
الطيب من النقي الطاهر، هذه الشجرة تمتدّ بجذورها في تخوم الأرض، و انتشرت فروعها في عرض السماء.
[تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ]
ليس ذلك الّا مثال، لفهم الحقائق، فالقرآن الكريم يعطينا مفاتيح لفهم الحقائق، والهدف من ذلك هو تبلور الفطرة عند الانسان وليعود الى رشده ويتذكّر.
وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ
لماذا؟
لأنّه يخالف الحق ولا يتوافق مع النظام القائم في الكون.
الكلمة الطيبة: هي كلمة التوحيد التي يثبّت اللّه عليها المؤمنين و يجعلهم في حصنه حتى لا تزلزلهم عواطف الشهوات، و لا تزيلهم عواصف الضغوط، فلا ترغيب الأغنياء المترفهين، و لا إرهاب المستكبرة قادر على أن يزحزحهم عن مواقفهم الثابتة في الدفاع عن حقوقهم و عن كرامتهم.
و للكلمة الطيّبة مصاديق أخرى أيضاً أحدها هو الانسان الكامل، كعيسى ابن مريم الذي بشّر بنبيّنا الأكرم ومهّد لدين الاسلام، ولذلك نجد في التاريخ أنّ الكثير من المسيحيين آمنوا بالاسلام، وسيؤمن أيضاً الكثير من اتباع الديانات لاسيما النصارى بإمامنا المهدي (عج).
يقول ربّنا تعالى: [إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسيحُ عيسَى ابْنُ مَرْيَم]
فعيسى كلمة الله لأنه أخلص نفسه و أخلصه اللّه للدعوة اليه و اصطنعه نفسه.
وما يتركه الانسان من ورقة علم أو الولد الصالح أيضاً قد يكون مصداقاً للكلمة الطيّبة التي اصلها ثابتٌ وفرعها في السماء.