قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

جدران الفساد
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة كاظم الساعدي
كثيرا ما نقرأ ونشاهد و نسمع، لاسيما في السنوات الاربع الماضيات، ان الحرب على الفساد قد بدأت، منطلقة من حقيقة مسلم بها من قبل الجميع، عدا المفسدين والفاسدين طبعا، ان الفساد يمثل الوجه الآخر للارهاب وهو في الوقت نفسه الشريان الحيوي الذي يغذي العمليات الارهابية ويديم زخمها. وأوجدت الحكومة من أجل ذلك أجهزة وهيئات ومكاتب توزعت بين مختلف الوزارات والدوائر الحكومية، ورصدت لها أرصدة ضخمة من ميزانية المال العام، الذي من المأمول ان تقوم تلك الجهات بالحفاظ عليه من جرائم الفساد ومخالب الفاسدين .
الى هنا والكلام جميل وحلو ومنطقي، ولكن هل ان الحرب على الفساد بدأت فعلا؟
لقد قامت، وكل من جهتها، هيئة النزاهة العامة، ولجنة النزاهة في مجلس النواب، ودائرة المفتشين العموميين، وديوان الرقابة المالية والاجهزة الاستخبارية المختلفة، بجهود ملحوظة في رصد كثير من حالات الفساد المتسرطنة كأخطر نوع من انواع السرطان، وتم الكشف عن عدد منها، وقدم للقضاء بعض من تلك الحالات، ولكن ما حجم القضايا المحسومة منها نسبة للقضايا المعروضة على القضاء ؟ .. وما حجم الحالات المبرهن على حدوثها والتي كان بالامكان دفعها أمام القضاء، ولم تقدم لذرائع متعددة ؟
وتستطيل قائمة الاسئلة في وجدان المواطن .. من مثل مامصير عدد ضخم من المجالس التحقيقية المعلن عنها وغير المعلن ؟
وأين وصلت مراحل بعض من المحاكمات لاسيما ما هز ضمير الرأي العام وما جدوى أن تعمل مكاتب المفتشين العموميين من دون أن يسفر عملها ذاك عن نتائج ملموسة ؟ وكم من فاسد ومفسد لاذ بالفرار او لاذ بعباءة حزبه او وزيره او قريبه المسؤول؟..
نحن اليوم على اعتاب مرحلة جديدة من عمر العراق، ودائما ما تستيقظ الآمال في كهذه مناسبة، والأمل بعراق مستقر آمن مزدهر متجدد في نفوس العراقيين يؤكد حقيقة ساطعة سطوع الشمس، ان هذا الشعب المعطاء يرفع جبينه وضاء على الدوام من برك الدم ومستنقعات الفساد الآسنة وجهنم الآلام اليومية عاشقا لكل نبضة في قلب الحياة، متأهبا شديد البأس والعزم لبناء افقه الذي طالما انطوت آجنحته عليه.
كثيرا ما تصدق نوايا المتصدي للحرب على الارهاب، غير أنها ترتطم بجدران صلدة وعالية من نفوذ المتنفذين عبر سلطات عدة، فيروح جهاده في تلك الحرب هواء في شبك. ولكن ليس على المؤمن بقضية حقيقية ان يخيب وييأس، وليس عليه الا ان يجعل من ايمانه بتلك القضية معادلا بالضبط لحياته والميدان سجال بين الشرفاء وبين الفاسدين، وهي دعوة صادقة لتضامن وتكاتف الشرفاء للانتصار لهذا الشعب في هذه الحرب الشرســـة.