قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

المثقفــون والشعائــــــر الحسـينيــــــة
مصطفى مهـدي الطاهـر
في رسالة تستطلع آراء مَن يُسَموْن بالمثقفين عما يجري من مظاهر تتعلق بالشعائر الحسينية, طُلِب مني ابداء رأيي بالموضوع؛وقد ارتأيت ان اسجل رأيي في مقالة واضحة لا لبس فيها مع انني اميل ان لا ادخل في مواضيع جدل او خلاف ؛لكنني في هذه القضية الحساسة ساكتب رأيي وما يعتمل في صدري بلا مجاملة ولن اضع فيها ابدا حساب الربح والخسارة؛فلا خير في ربح ياتي على حساب المبادئ والاخلاق والقيم التي كلفتني الكثير الى حد القطيعة مع اقرب الناس الي؛ ومرحى بالخسارة الدنيوية التي لاتعني شيئا امام الخسارة الاخروية فالله تعالى يقول في كتابه الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "فاعبدوا ما شئتم من دونه قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين " الزمر اية 15. فخسارة بعض الاصدقاء والمؤيدين خير لي من خسارة شفاعة ثقل حبيب الله وعدل القرآن وحبل الله الممدود مابين الارض والسماء ذلكم ال بيت نبينا العظيم محمد صلى الله عليه واله وسلم. واني اذ اكتب هذه المقالة استحضر قول الله تعالى " واكثرهم للحق كارهون" وقول امير المؤمنين "ماابقى لي الحق من صديق" وقوله عليه السلام "لايستوحشنك طريق الحق لقلة سالكيه".
الرسالة تناولت عدة جوانب من الشعائر الحسينية وقد شَنعتْ عليها بقوة الى حد وصفتها بانها - لاعلاقة لها بالدين!!! حيث جعل (البعض) انفسهم من اهل الفتيا وهم لايفقهون ابجديات الفقه!!! ظانين ان القاب بروفسور او دكتور او غيرها من الالقاب التي يحرصون بشدة على كتابتها امام اسمائهم تضعهم في خانة المثقفين شرطا!! مع انني لم اسمع ولم ارَ ان Bill Gates او غيره من علماء الغرب وضع لقبا امام اسمه...
تحدثت الرسالة عن صرف المليارات من الدنانير العراقية في تأدية هذه الشعائر؛ وتناسوا ان هذه الاموال انما يتم صرفها في داخل العراق وليس في خارجه مما يقوي الاقتصاد ويحرك السوق بشكل كبير جدا ولو سألوا اي مختص بالاقتصاد لأكد لهم هذه الحقيقة. عدم الانفاق يعني التوقف عن اداء هذه الشعيرة؛ فهل هذا هو المطلوب؟ ثم ماذا عن العملات الصعبة التي تدخل العراق من خلال الزائرين من الدول الاخرى؛أليست في صالح الاقتصاد العراقي؟؟
اما انزعاج البعض من خروج الملايين من الشعب لتادية هذه الشعيرة العظيمة!!؟ فاني بدوري اسال هؤلاء لو قُدِر لهم ان يُخرجوا الملايين من الشعب من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب للتنديد بقرار غلق الملاهي وحانات الخمر ؛هل كانوا سيفعلون ذلك؟؟ بالتأكيد نعم سيفعلون؛ وعندئذ سينسون تشنيعهم على صرف الاموال الطائلة للحفاظ على مراسم الرذيلة والمعصية!!! قال تعالى "افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون".
اما بشان شج الرؤوس فهذا الامر لم يجرِ بمرسوم سلطوي ؛انما هو عمل اختياري يعتقد به البعض ولا قدرة لاحد على منعهم من ممارسة ذلك؛ ومن مبادئ الديمقراطية ترك الخيار للمواطن ان يمارس حريته اذا لم تتصادم مع حريات الاخرين ولم تضر بالمجتمع؛ فاي ضرر تلحق هذه العادة بالمجتمع او اي فرد اخر غير الذي يشج راسه؟ وهي عادة لاتعبرعن اعتقاد عامة الشيعة بها وايضا لمراجع الشيعة وكبار رجال الدين رأي واضح فيها ؛ والذين يشجون رؤوسهم بضعة مئات من ملايين البشر؛ والشخص هنا يشج راسه ولا يركض امام او خلف الثيران في الشوارع التي ربما تقتل بريئا طفلا كان او عجوزا ماشيا في الشارع ولا يحبذ هذه العادة المضرة بالحيوان والانسان وتجري في بلد يعتبر متحضرا!!!
والذين يخرجون في مواكب مواساة النبي واهل بيته صلوات الله عليهم لايخرجون في مهرجانات اتلاف الطماطة او البرتقال التي تذهب هدرا وهي تكلف دولهم ملايين الدولارات وايضا هذه العادات تجري في دول تعتبر متقدمة وتتسابق الفضائيات على نقلها!!! ولا يخرجون في مسيرات مليونية للتصفيق للطغاة من الحكام الذين يجثمون على صدور شعوبهم.
اقام البعض الدنيا ولم يقعدها عندما صدر قرار اغلاق الملاهي وحانات الخمور؛ ولا ادري هل تُصرف اموال طائلة في هذه الاماكن التي هي في الحقيقة تستفز مشاعر غالبية الشعب؟ ام صرف الاموال هنا محمودٌ عند هؤلاء؟!!!
المواكب المليونية التي تخرج في الشعائر الحسينية يفترض ان تكون مفخرة لكل حر شهم؛ فهي تحدٍ واضح للارهاب والارهابيين؛ فكل فرد من هؤلاء الذين يخرجون فيها انما يحمل روحه على كفه؛هو يعلم يقينا انه يمشي في طرق الموت متحدين كل اسلحة القتل والتدمير التي تفتقت عنها عقول الارهابيين القتلة سواء كانوا منظمات او عصابات او اجهزة مخابرات دول لاتريد للعراق ان يكون صوتا مدويا لفاجعة كربلاء ومنارا للديمقراطية التي اذا ماتوطدت في العراق فستطيح بعروش تهتز كلما تقدمت الديمقراطية خطوة في الاتجاه الصحيح في العراق.و ادعو الى العمل الجاد على ابراز الوجه الناصع والمبادئ السامية لثورة الامام الحسين عليه السلام؛ ومنها بناء الوطن والانسان؛ ادعو ايضا الى مزيد من المسيرات المليونية مع عدم تعطيل الحياة العامة؛ ورص الصفوف والحذر كل الحذر من المتصيدين في الماء العكر؛ وادعو القوات الامنية الى الالتحام مع شعبها وتهيئة الاجواء المناسبة لتادية هذه الشعائر العظيمة " ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب" كذلك ادعو المثقفين الى عدم الوقوع في دائرة الافراط او التفريط فكلاهما مذمومان.. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى ابناء الحسين المعصومين وعلى المستشهدين بين يديه ورحمة الله وبركاته..