حكومة على مقاس " القياديين" !
|
سالم مشكور
القاعدة المعمول في ادارة الدول هي ان تنشأ وزارات ومؤسسات وفق الحاجة ويتم إختيار الكوادر الكفوءة لادارتها، وعندما يتضخم الجهاز الاداري ويصبح عبئا على البلاد يجري تقليص الوزارات والغاء الكثير من المؤسسات غير الضرورية وحيث ان العراق خارج عن القاعدة في أغلب مفاصل وضعه، فان العملية تجري بشكل معكوس. عندنا يجري "ابتكار" الوزارات والمؤسسات ليس إرضاء للحاجة بل للاشخاص والاحزاب والكتل. عندنا، نشكو من تضخم الادارة فنزيدها تضخما ليرضى فلان ويسكت علاّن. عندنا، نشكو من الفساد المتفشي في الادارة المتضخمة، فنزيد عدد الوزارات والمؤسسات والمجالس ونفتح ابوابا جديدة للفساد.
عندنا الكثير ما يمكن وضعه في خانة الغرابة مثل ان الحكومة تفصل على مقاس الاشخاص والاحزاب بحيث لا يبقى احد بدون منصب (وزاري على الاغلب)، ولان "الزعماء " و "القياديين " كثر ولله الحمد ولان الوزارات والمناصب الرئاسية لا تكفي، فان الحل الجزئي هو استحداث وزارات جديدة ومثلها من المؤسسات والهيئات، ومن يتبقى منهم إما ان ينتفض على كتلته ويبادر الى كشف اسرارها، أو ينتقل الى احد المهاجر المجاورة بانتظار "إنصافه".
منذ سنوات ونحن نسمع اللعنات يصبها الكثير من السياسيين من كل حدب وصوب على المحاصصة التي "جاء بها المحتل" لكننا نشهد اليوم ما يشبه بالمزاد العلني في عملية توزيع الوزارات والمناصب وما اكثر ما نسمع من عبارات " هذه الوزارة من حصتنا وتلك من حصتهم" و " لن نتنازل عن الوزارة الفلانية" و " اتفقنا على تقاسم الوزارات السيادية وبقيت الخدمية " و " ستكون حصتنا كذا وزارة ". ترى ماذا يعني هذا؟ اليست "الحصة " هنا هي اساس اشتقاق " المحاصصة" ؟ وهل يجرؤ أحد بعد الآن ان يلعن المحاصصة؟. الجواب: نعم، سيستمر هؤلاء في لعن المحاصصة رغم انهم وصلوا الى المناصب عبرها، بالضبط كما كان البعض - وما زال- يشتم "المحتل" ولا ينفك يزور سفارته ويأخذ منه الصفقات التجارية الضخمة.
لست هنا مدافعا عن المحاصصة ولا مادحا للجانب الاميركي لكنني أريد القول ان الكثير من سياسيينا درجوا على إظهار عكس ما يبطنون، وإطلاق شعارات لارضاء او خداع الجمهور فيما نهجهم العملي يتجه عكس ذلك تماما. ينسى الناس ان خداع الناس له أجل وعندما ينقضي، ينقلب الناس على هؤلاء السياسيين.
يتحجج كثير من السياسيين بان المحاصصة باتت واقعا وحيث انها كذلك فلماذا لا نحاول تحسين الوضع من داخلها، أي ان يختار صاحب كل حصة، أفضل ما لديه من كوادر لشغل حصته من المقاعد وان يعمل هؤلاء من أجل البلاد وكلها والعباد كلهم، لا ان يعمل لكتلته او جماعته فقط. صحيح ان الحكومة يجري تفصيلها على مقاس الكتل" والزعماء" وتوزع حصصا، لكنها ليست دكاكين يجري تمليكها لهؤلاء ،فهي وزارات لكل العراق ومن يعمل بهذه الروح سيفوز برضا المواطنين .. كل العراقيين.
|
|