-
هل شاركت يوماً في اختبارات الفيسبوك؟
“تعرف على صديقك المفضل”، “تعرف على عمرك المتوقع”، “تعرف على الدولة التي ستسافر إليها قريباً”، “تعرف على المهنة التي تناسب شخصيتك”، والى آخر القائمة.
ما الفكرة في ذلك؟
تدخل لتجيب على بعض الاسئلة التي خُصصت لتحليل نمط شخصيتك، وتسمح لتلك اللعبة أو التطبيق بالدخول لمعلوماتك، و ربما لأصدقائك الذين جعلتهم “مخفيين” مسبقاً، ثم أبحتهم للنشر، أو حتى لمراسلاتك، وإعجاباتك.
هل سمعت ب(الإختراق الكبير)؟!
هل سألت نفسك لماذا إنتخب الشعب الأمريكي (مهووس) كترامب رئيساً، فحتى لو كان نسبة جيدة من الشعب من طرازه (ترامبيون) لكن كيف حصل على الأغلبية؟!
وهل سألت نفسك لماذا صوت البريطانيون على خروج مملكتهم المتحدة من الإتحاد الأوروبي رغم كونها الدولة الأكثر تأثيراً فيه؟!
تعود القضية إلى شركة تدعى كامبردج أنالتيكا وهي الإبن لشركة “اس سي ال” ووظيفتها تحليل معلومات الناس من خلال إستطلاعات رأي وغيرها للحصول على نتيجة أو نصيحة، بدأت الشركة في عملها كشركة دعاية ثم تحولت إلى شركة دعاية إنتخابية بحتة، بعد أن نجحت تجاربها في دول أفريقية وأمريكية جنوبية، أستثمرت في حملة البريكست، أو خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وبعد نجاحها في ذلك بطريقة القطيع، أو العقل الجمعي من خلال منشورات ومنصات وصفحات أثارت الشعبوية والعنصرية الإنكليزية على حساب الإنتماء الأوربي وبإعلانات ممولة ضخمة حتى قيل أن 52 بالمئة من بحث البريطانيين في جوجل بعد يوم من الإستفتاء كان عن سؤال (ماهو الإتحاد الأوروبي ؟)!
إتفق مسؤول حملة ترامب مع مسؤول الشركة على قيادة الحملة الإنتخابية لترامب حتى فوزه وهنا أرقام مروعة منها:
دخلت الشركة بعد سماح الفيسبوك لها على 87 مليون حساب لمواطنين أمريكيين.
ـ أنفقت الشركة على التأثير والإعلانات الممولة 36 مليون دولار.
ـ فقط في ليلة الإنتخابات الأمريكية حيث كانت هيلاري كلينتون متقدمة على ترامب
ـ أنفقت الشكرة إعلانات بقيمة 2.7 مليون دولار.
ـ الذين صوت الذين رجحوا كفة ترامب للفوز البالغ عددهم سبعين ألف كانوا من المتاثرين بإعلانات الفيسبوك.
إكتشفت اللعبة فيما بعد عند قيام استاذ جامعي أمريكي متخصص في البيانات برفع دعوى على الشركة، مطالباً بمعلوماته وتعاون معه موظفان من الشركة وفتحت قضية عرفت “بالإختراق الكبير” إستضاف فيها مجلس العموم البريطاني مسؤول فيسبوك الذي إعترف بكونه قد ساعد الشركة بطريقة أو أخرى ومدير الشركة لتغلق فيما بعد بقضية زلزلت العالم وقتها.
هنا أقف لأقول: إذا كان العالم الغربي وهو مبتكر وسائل التواصل قد ضج ضجة كبرى، لأكبر عملية تأثير على العقول في مجتمعه من خلال وسائل التواصل، حتى أن شركة Netflix أنتجت فيلماً وثائقياً عن الموضوع بعنوان (“the great hack” ) ويحاول اليوم أن يجد بعض العقلاء فيه طريقاً للخلاص من فوضى البيانات ولن يجدوه، إذا كان الداء الذي إخترعوه قد إنتقل إليهم ولعب بعقول صغارهم وكبارهم، فكيف بنا نحن الضحية المتأثرة التي تقف مكتوفة الأيدي أمام الدعايات الرخصية !
هل فكرنا كيف نحمي أنفسنا، شبابنا، أسرنا من هذا التأثير الثقافي الجارف؟