نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالاً عن استطلاع رأي بشأن التظاهرات المطلبية المستمرة في بغداد وعدد من المدن العراقية، ركز فيه على جوانب معينة من الحراك المطلبي منها؛ أن “المظاهرات الأخيرة في العراق هي من بين الاحتجاجات الأكثر دموية في التاريخ الحديث”! وأن الانترنت هو مصدر المعرفة الوحيد للمتظاهرين.
وحسب استطلاع أجراه الكاتب منقذ داغر، الذي عرفته “واشنطن بوست” بانه مدير قسم الشرق الأوسط في شركة “غالوب” الاميركية المعروفة في مجال انتاج استطلاعات رأي، فقد توصل الى أن “الثورة الرقمية وفساد الحكومة قوضا مقدرة المؤسسات التقليدية، مثل المدارس والسلطات الدينية والعائلات، في السيطرة على تصرفات الشباب، ومنذ عام 2004، زادت نسبة العراقيين الذين يقتنون الهواتف المحمولة، من 1% إلى 100% تقريبا، وأكثر من 80% يحملون هواتف ذكية مع إنترنت، وتظهر استطلاعاتنا بأنه مع حلول عام 2018 بدأ العراقيون يعتمدون على الإنترنت بصفتها مصدرهم الرئيسي للمعلومات”، ويضيف داغر إلى أن “ثلثي المتظاهرين على الأقل ذكروا بأنهم ذهبوا إلى المظاهرات بناء على دعوات تلقوها من خلال الإنترنت”.
و يؤكد صاحب الاستطلاع حقيقة “الانعدام العميق للثقة في اللاعبين السياسيين الحاليين، عدا رجل الدين الشيعي الأكثر تأثيرا في العراق آية الله علي السيستاني، الذي يتمتع بثقة 60% من المتظاهرين، أما اللاعبون الآخرون في الدولة؛ الفروع التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، فيثق فيهم أقل من 5% من العراقيين، بحسب آخر استطلاع أجريناه، ويرحب أكثر من 90% من المتظاهرين بانتخابات مبكرة، لكن بسبب عدم ثقتهم بمؤسسات الدولة فإن نسبة قليلة منهم توافق على إجرائها في ظل اللجنة الانتخابية الحالية، ولا حتى تحت إشراف القضاة العراقيين”.
ويلفت الكاتب إلى أن أحد أقوى الاستنتاجات التي توصل إليها الاستطلاع؛ اهتمام المتظاهرين بالشعور بالأهمية، ففي استطلاع على مستوى البلد تم إجراؤه في وقت سابق من هذا العام، قال 3 من كل 4 بأن حياتهم فقدت معانيها كلها، في الوقت الذي قال فيه 80% بأنهم شعروا بالكآبة على الأقل مرة خلال الأشهر الستة الماضية.
ويصف الكاتب المشاركة بالمظاهرات أنها غيرت المشاعر، فقال : أن 94% من المتظاهرين بأن المظاهرات جعلتهم يشعرون أنهم أشخاص مهمون، والنسبة ذاتها تقريبا قالت إن المشاركة في تلك المظاهرات أشعرتهم بأن لهم رأيا في مستقبل العراق، فيما قال 97% إن مشاركتهم في المظاهرات جعلتهم أكثر افتخارا بأنهم عراقيون”.
ويضيف داغر بأن الأجيال الكبيرة من العراقيين كانوا ينتظرون من الحكومة أن تمنحهم ما ترى أنهم يستحقونه، في الوقت الذي يطالب فيه الجيل الجديد من المحتجين بحقوقهم، وقال 90% تقريبا بأن هذه المظاهرات تشعرهم بأنهم يتحدون النظام القائم.
وعن مظاهر العنف يقول داغر إن “المتظاهرين العراقيين أظهروا مقدرة غير عادية على مقاومة الانجرار لمربع العنف، مع أنهم خسروا كثيرا، وهناك جهود كبيرة من المليشيات المسلحة وقوات الأمن لجرهم إلى التصرف بعنف، وبقي المتظاهرون مركزين ومصرين على تحقيق هدفهم في تغيير النظام السياسي إلى نظام يقوم على الكفاءة، وليس على الانتماء لمجموعة محددة”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه “بالرغم من صعوبة رؤية مخرج من المظاهرات الدموية، إلا أن الجدير بالذكر أن 70% من المتظاهرين يوافقون على انتخابات مبكرة تتم تحت إشراف الأمم المتحدة”.