أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي على أن الحراك الجماهيري في العراق “مبارك”، وأنه يمثل صفحة جديدة ومشرقة من تاريخ الشعب العراقي، ودعا سماحته الى وجود قيادة لهذا الحراك لتحقيق المطالب المشروعة، وأكد على دور العشائر العراقية في الحفاظ على أمن واستقرار مدينة كربلاء المقدسة خلال الفترة الراهنة، كما أشار الى الدور المعروف للعشائر في نشر السلم الأهلي وحقن الدماء، وأنها إحدى القوى الضاغطة لتقويم أداء مؤسسات الدولة.
وخلال استقبال سماحته وفداً كبيراً ضمّ عدداً من شيوخ عشائر كربلاء المقدسة في مكتبه بكربلاء المقدسة، صباح اليوم الاثنين، حذر من وجود جهات مشبوهة تسلط الضوء على بعض “التصرفات الفردية السيئة التي تحدث خلال الحراك الجماهيري ويسعون لتضخيمها ومن ثمّ تلويث سمعتنا في العالم”.
وقال سماحة المرجع المدرسي في هذا اللقاء بأن “الحراك الجماهيري مبارك رغم تسليط البعض الضوء على الجوانب السلبية، إلا أن الجوانب الايجابية أعظم، فالشعب العراقي له مطالب مشروعة، كما خَبرته الساحة بحضوره الفاعل والمؤثر، والمثال الأبرز؛ وثبته المشهورة لمحاربة ودحر تنظيم داعش الارهابي”، كما وصف سماحته التظاهرات المطلبية بأنها “صفحة جديدة ومشرقة من تاريخ شعبنا، لكن؛ تحتاج الى ربّان لهذه السفينة، فاذا كثُر الملاحون تعرضت للغرق وهذا ما تريده الاطراف المتربصة بالعراق عندما يوظفون اعلامهم وامكاناتهم لحرف هذه النهضة عن مسارها الصحيح”.
وفي معرض حديثه عن الخصال والصفات الحسنة لدى الشعب العراقي، وصف الشعب العراقي بأسره بأنه ” شعبنا وعيالنا، وأن الشعب العراقي يستحق كل خير، في كل شبر من أرضه”، ثم أردف بالقول: بأن “في العراق حوالي خمسة ملايين يتيم الى جانب طبقة اجتماعية هشّة ومستضعفة، فاذا عاد المتظاهرون الى بيوتهم يوماً ما يجب ان لا ينسوا هذه الطبقة المستضعفة”، واستطرد سماحته بالقول في هذا السياق: “لا يجب ان انتظر ابني يصل الى درجة البكاء حتى أعطيه الخبز، فقد خرج شعبنا الى الشارع وهو غني بالامكانات، وبالايمان، وبالقيم، وقد تحدثت أكثر من مرة بأن الشعب العراقي له خصلتان يتميز بها عن أي شعب بالعالم؛ الشجاعة والكرم”.
ودعا سماحة المرجع المدرسي الى ضرورة بلورة قيادة واضحة للحراك الجماهيري لتحقيق أمرين مهمين:
الأول: الحؤول دون انحراف مسار التظاهرات المطلبية والحراك الجماهيري الى ما يريده أعداء العراق من الانزلاق نحو العنف المسلح.
والثاني: أن يكون لهذا الحراك الجماهيري نتيجة وثمرة كبيرة، وهي ظهور قوى ضغط تمارس دورها الإصلاحي في الدولة والوقوف امام أي ظلم او تعسف يتعرض له الشعب العراقي، وهذا “من صميم دوركم كعشائر معروفون بدوركم الإصلاحي في المجتمع وفي حل المشاكل والازمات”.
من جهة أخرى حذر سماحته من تكرار اتخاذ القرارات المهمة والكبيرة بشكل فردي من قبل بعض المحافظين، دون الرجوع ومشاورة أهل الحل والعقد، ومنهم؛ العشائر، كما حصل مع قرار إزالة مساكن العشاوئيات (دور التجاوز) من قبل محافظ كربلاء المقدسة، وهو الذي ولّد قدراً كبيراً من الغضب في نفوس الساكنين في هذه المناطق من ابناء الشريحة المستضعفة، في حين كان المفترض عرض المشاريع والاجراءات الحكومية على العشائر والوجهاء قبل تنفيذها حتى لا يكون شيء على حساب أشياء اخرى.
وفيما يتعلق بمستقبل الحراك الجماهيري والاعتصامات المستمرة في العراق، قال سماحته بانها يجب ان تتمخض عن ثلاثة مطالب:
أولاً: تخصيص نسبة من عائدات النفط لتوزيعها بالتساوي على جميع افراد الشعب العراقي.
ثانياً: تغيير قانون الانتخابات بما يعطي الحق للشعب العراقي بانتخاب من يريد ان يمثله.
ثالثاً: تشيكل لجنة من المختصين في مختلف الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مهمتها اقتراح وبلورة القوانين التي يحتاجها الناس في حياتهم، بعد أن تذرع بعض النواب بعدم وجود الوقت الكافي لبحث مختلف القوانين في العراق.
وتوجه سماحته بالحديث الى ضيوفه من شيوخ عشائر كربلاء المقدسة بأنكم أهل الحل والعقد من خلال المشورة والاتفاق على آليات تضمن حقن الدماء وإبعاد المجتمع عن الفتن، وفي نفس الوقت تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين، وأكد لهم استعداد المرجعية الدينية بمساندتهم وتأييد كل ما يتفقون عليه بهذا الخصوص، كما أكد سماحته في ختام حديثه على محورية أمن واستقرار كربلاء المقدسة، من خلال تحديد مكان معين للتظاهر والاعتصام، وعدم رسم صورة سلبية لهذه المدينة المقدسة امام العالم.
وبعد كلمة سماحة المرجع المدرسي تقدم عدد من شيوخ العشائر الحاضرين بكلمات واقتراحات وافكار في إطار إحلال السلم والاستقرار في كربلاء المقدسة، وتحقيق مطالب المعتصمين، وأجمعوا على دور المرجعية الدينية في كربلاء المقدسة في إطفاء نار الفتن والاضطرابات في هذه المدينة على طول الخط، كما دعوا المرجعية الدينية لمساندتهم هذه المرة للوقوف بوجه أي تصعيد أمني خطير، كما حذر أحد شيوخ عشيرة خفاجة، الشيخ سلام موسى الخفاجي، من وجود مؤامرة تحاك ضدنا يمكن ان تلحق الضرر بمدينة كربلاء المقدسة وايضاً النجف الأشرف، واذا حصل ذلك لن تقوم للعراق قائمة.