منذ جريمة إعدام عالم الدين الشيعي البارز آية الله الشيخ نمر باقر النمر عام 2016، وقضية احتجاز جثامين الشهداء تتفاعل. قضية تنتهك عبرها السلطات السعودية مختلف القوانين الدولية والإنسانية والشرع الحقوقية والدينية، ورغم مطالبة ذوي الشهداء الذين يرتقون بفعل الغطرسة السلطوية عبر الإعدام ومختلف طرق القتل خارج نطاق القانون، باستلام جثامين الشهداء لدفنها ومواراتها الثرى في المكان الذي تريده العائلة، إلا أن الرياض تستأثر في احتجاز الجثامين وتمعن في التنكيل بالأهالي وحقوقهم في إكرام شهدائهم.
وعلى امتداد السنوات الماضية تستخدم الرياض سياسة العقاب الجماعي، من دون الإلتفات لحرمة الإنسان وحقه في الحياة، والمطالب المحقة التي يرفع الصوت من أجلها، وتحاسب الرياض المواطن أبسط حقوقه المحروم منها وتستلذ بطرق التنكيل بالمواطنين، ومع تعمدها تنفيذ أساليب متنوعة من القتل والتنكيل والإعدامات من دون الاستناد إلى محاكمة عادلة بل تعتمد على قضاء مسيّس يتخذ من التعذيب والتهويل والمضايقات وتضييق الخناق على المعتقلين سبيلاً مسنداً للتصديق على الاعترافات والاتهامات المفبركة والموقع عليها تحت وطأة حد السيف.
وفي وقت يتم تصديق أحكام الإعدام بحق عدد كبير من المعتقلين من نشطاء ومعارضين استناداً إلى فبركات منتزعة تحت وطأة التعذيب، وتمعن السلطات في انتهاكاتها عبر استخدام أساليب متنوعة من التنكيل من دون الإلتفات إلى حجم المعاناة، فإن أعداد الشهداء لا تزال في ارتفاع، ولا تكتفي الرياض بعمليات الاعدام والقتل وسط الشةارع العامة خلال مداهماتها واغتيالاتها للنشطاء عبر الكمائن، كذلك فإنها تستتبع جريمتها باحتجاز جثامين الشهداء وإخفائها عن ذويها من غير وجه حق.
في رصد أعدته المنظمة “الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان”، فإن نحو 83 جثماناً تحتجزهم السلطات منذ عام 2016م وحتى اليوم، وهي أجساء لشهداء ارتقوا نتيجة الإعدامات والقتل خارج نطاق القانون، ويتم احتجازهم في مخالفة صريحة للقوانين الدولية والإنسانية، حيث تستتبع السلطات اتباع سياسة التنكيل الجسدي والنفسي بحق الشهداء وذويهم.
وبينت المنظمة أن هناك تجاهل من الرياض للمطالب الإنسانية حيث تواصل احتجاز 83 جثمانا، قتلتهم بالإعدامات التعسفية أو القتل خارج نطاق القانون، وهذه الجثامين محجتزة فقط في عهد الملك سلمان (الفترة من 2016 حتى يوليو 2019)، كما نبهت إلى أنه بين الجثامين المحتجزة عدد من القاصرين.
وشددت المنظمة على أنه يتوجب على السلطات السعودية الإستجابة لمطالب أسرهم، وتسليمهم، و بالتزامن أطلقت المنظمة حملة للمطالبة بإيقاف الإعدامات المتواصلة في البلاد، في ظل حكم سلمان وابنه محمد، إذ يتهدد الإعدام حياة 39 معتقلاً، ودعت للمطالبة بوقف عمليات الإعدام والانتهاكات الممارسة من قبل النظام السعودي بحق النشطاء والمعتقلين، أضاءت على الممارسات المتواصلة للنظام في عهد سلمان وابنه، حيث بلغت أرقاماً قياسية في الاعدامات التي تتزايد الأعداد بشكل مضطرد.
ونبهت المنظمة إلى أنه “لأول مرة تبلغ السعودية هذا الرقم القياسي في تاريخها في تنفيذ الإعدامات، حيث أنه منذ بداية العام الحالي وحتى 28 سبتمبر 2019، نفذت السلطات 159 إعداماً، وبهذا يتحقق رقم قياسي جديد”، كما نبّهت إلى أنه في حال استمرت السلطات بتنفيذ الإعدامات بهذا المعدل فإنه حتى نهاية العام قد يتعدى عدد المعدمين الـ 200 حتى نهاية العام.
وبينت المنظمة أنه في الأربع السنوات السابقة من عهد الملك سلمان، تم تنفيذ إعدامات بوتيرة متصاعدة، حيث بلغت في عام 2018، 147 إعداماً، وفي 2017 ، نفذ 146 إعداما، أما في العام في 2016 فقد أعدم 154 شخصاً، كما أعدم 157 خلال العام 2015.
وأوضحت أن عدد المهددين حاليا بالإعدام حوالي 39 شخصا، وفق ماهو معروف ومؤكد، منبهة إلى أنه لمن المؤكد أن كثير من طلبات النيابة بالإعدام، وأحكام الإعدام، والإعدامات التي نفذت، تمت بناء على أقوال مكتوبة بعد التعذيب والإكراه والخداع، ولايخفى عدم إستقلالية المحاكم، والتسييس الممارس.
وقد شارك عدد من النشطاء الحقوقيين بحملة المنظمة، ودعوا إلى الكف عن اتخاذ أحكام جائرة، كما طالبوا بوقف تنفيذ الأحكام وإعادة المحاكمات، والكف عن التنكيل بالمعتقلين وأهليهم. وبين المشاركين عبر “تويتر” وتحت وسم “الإعدام في السعودية” الناشط أمين علي، ود. أميمة النجار، والناشط الباحث أمين النمر وغيرهم.
كما اعتبر مدير “مركز الجزيرة العربية لتعزيز الحريات” المحامي والناشط السياسي سلطان العبدلي، أن “أشد أنواع الإعدام وقعا وأعظمها أثرا وأعظمها نكالا، هو أن يضع المستبد كعب قدميه على أفواه الملايين حتى لا تنطق بحريتها، ولا تمارس تعبيرها عن ما في نفوسها.”
يشار إلى أن السلطات السعودية تمارس سياسة تكتم شديدة وغموض في ملف الإعدامات وسير إجراءات الضحايا، مع أساليب متنوعة من ترهيب أسر الضحايا بهدف المزيد من التعتيم.