فکر و تنمیة

رهاب السعادة… لماذا يخشى الانسان أوقات الفرح؟

الأسوياء من البشر يبحثون عن السعادة في ادق جزئيات الحياة، فلا يدعون فرصة توصلهم الهدف إلا واستثمروها أفضل استثمار، وقد يفشل الكثير من الناس في الشعور بالسعادة وهو ما يبقهم منقوصين الى حاجة نفسية مهمة في حياة الانسان.

 الغريب أن بعض الناس يخشون لحظات او ساعات الفرح والسعادة ويودون مرورها بالسرعة الممكنة لاعتقادهم بأن هذه الأوقات لا تمر دون منغصات وهذا الاعتقاد الخاطئ يسمى برهاب السعادة، فما هو وماهي دلالات وجوده؟

 وماهو التعامل الصحي معه؟

يمكننا أن نعرّف رهاب السعادة على انه: حالة انكماش نفسي يتعرض لها الفرد المصاب بالرهاب تمنعه من التمتع بأوقات السعادة والفرح مما يجعله يريد الخروج سريعاً من هذه المواقف لتفادي الاضرار اللاحقة كما يعتقد.

وفقاً موقع (هيلث لاين) للصحة النفسية: “يصنف بعض الخبراء النفسيين رهاب السعادة كشكل من أشكال اضطراب القلق، والقلق هو شعور غير منطقي ومتزايد بالخوف يكون مرتبطا بتهديد ما، وفي حالة رهاب السعادة، يرتبط القلق بالمشاركة في الأنشطة التي يعتقد أنها تجعلك سعيدا، وليس بالضرورة أن يكون الشخص المصاب هو شخص حزين، بل هو شخص يتجنب الأنشطة التي قد تؤدي إلى السعادة أو الفرح”.

في موروثنا الاجتماعي ومنذ أن كنا صغاراً كنا نسمع عبارة (اللهم اجعلها ضحكة خير) وغير ذلك من العبارات المماثلة والتي تدل على خوف الناطقين بها من أن ضحكاتهم سيتعبها ألم او حصول امر محزن، وبالتالي يخرج الأكثر اعتقاداً بصحة هذا الامر من المكان بينما يحاول البعض الآخر التحدث عن امر آخر يغير بوصلة الحدث وهكذا يوقف الضحك كلحظة عابرة من لحظات السعادة الشحيحة.

إشارة:

قد يحدث توقع امرا ما مدعاة لحدوثه سيما فيما يخص الجانب السلبي فقد ينسب الى العظيم علي بن ابي طالب عليه السلام قوله: “كل متوقع آت وتؤخذ أقداركم من أفواهكم”، فالأولى ان يحسن الانسان الظن بالله تعالى ويتفاءل ويترك التفكير السلبي الذي يجلب السوء والبؤس لصحابه، والعكس هو المنطقي فالإيجابية هي من تدفع الانسان الى الكثير من السلوكيات النافعة ومنها انجاز المهام الحياتية بفعالية أكثر.

ما أعراض رهاب السعادة؟

لنستدل على إصابة الفرد برهاب السعادة تتوفر في سلوكياته بعض السلوكيات التالي او جميعها، وهي بإختصار:

عدم تفضيل المشاركة في التجمعات والمناسبات السعيدة للشعور بالقلق مما يحدث بعد ذلك، كما يرفض المصاب القيام العلاقات التي قد تؤثر إيجابيا على الحياة، بسبب الخوف من حدوث شيء سيئ، او انه يعتقد ان هؤلاء الأشخاص ليسوا طبيعيين، ويسود لدى المصابين الاعتقاد بأن السعادة ستجعلهم اشخاص سيئين، كما يسود الاعتقاد بأن محاولة الانسان أن يكون سعيداً هي مضيعة للوقت والجهد، هذه العلامات تدل بالضرورة على الإصابة برهاب لسعادة.

لماذا يصاب الفرد برهاب السعادة؟

يصاب الانسان برهاب السعادة لعدة احتماليات منها:

تعرض أحد افراد الجماعة التي ينتمي اليها الفرد المصاب لحادث مروع او امر محزن آخر بعد تواجده في حفل او تجمع كان يسوده الفرح والسعادة في وقت سابق، وهو ما يجعله يفكر في حدوث ذات الامر له، وهذا جزء من التفكير غير المنطقي الناتج من التعميم.

الاحتمالية الثانية هي أن الأشخاص الأكثر عرضة لرهاب السعادة، هم الذين يرثون بعض المعتقدات القديمة في المجتمع والتي تقول إنه بعد السعادة والفرح الكبير تأتي مصيبة، وبأنه لا يجوز إظهار سمات الفرح بشكل واضح.

كيف يعالج هذا الرهاب؟

لإزالة الحساسية لدى الافراد المصابين برهاب السعادة ينفع استخدام العلاج السلوكي المعرفي الذي هو عبارة عن أسلوب علاجي نفسي يعتمد الحديث بين المريض والمعالِج، بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير، وتحديد السلوكيات التي يمكن أن تساعدهم على التغيير.

ثاني العلاجات هو العلاج بالتعرض والذي يتم بمقتضاه تعريض المريض تدريجياً لأحداث سعيدة ليرى بنفسه ان الشعور بالسعادة لا يعني مؤكدا أن هناك حادث حزين سيحدث، وأن هذه مجرد أفكار، وما حصل مع غيره بعد أوقات سعادة لا يعني ان يحصل معه ذات الشيء وبالتكرار تتلاشى الأفكار القلقة وهذا هو المطلوب.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا