الأخبار

الطريق طويل؛ هل يحقق العراق الاستقلال في مجال الطاقة

الهدى – متابعات ..

بين وفرة الموارد وتحديات البنية التحتية، يسير العراق في طريق طويل نحو تحقيق استقلاله في مجال الطاقة، خاصة في قطاع الغاز، فرغم امتلاكه احتياطيات ضخمة، لا يزال يعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاته، مما يراكم الديون ويؤجج أزمة الكهرباء.
موقع “بيتروليوم إيكونوميست” البريطاني سلط الضوء على الطريق الطويل الذي يحاول العراق من خلاله تحقيق استقلاله في مجال الطاقة، وخصوصا في مجال الغاز خلال السنوات الحاسمة المقبلة، حيث أن نجاحه في تحويل الغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي، قد يسمح للعراق أيضاً بالتحول الى منصة لإمداد المنطقة بالطاقة.
وعلى الرغم من أن التقرير البريطاني، أكد أن العراق يواجه معضلة هائلة في مجال الطاقة، إلا أنه ذكر بأن هذا البلد يمتلك خامس أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام في العالم بحدود 145 مليار برميل، أي ما يعادل 8٪ من الإجمالي العالمي، في حين يحتل المرتبة الـ12 باحتياطيات الغاز العالمية، وذلك بحدود 131 تريليون قدم مكعب، مشيرا إلى أن مصادر الطاقة المتجددة تمثل أيضاً قوة محتملة أخرى، في ظل وجود خطط لإنتاج 12 غيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول العام 2030.
ولفت التقرير، إلى أنه برغم هذه الوفرة، فان العراق يعتمد على الواردات من جيرانه لتشغيل محطات توليد الطاقة، مما جعل الديون تتراكم عليه بمليارات الدولارات، مشيراً إلى أن العراق يستورد حوالي 40-50 مليون متر مكعب يوميا من الغاز من إيران، وأنهما وقعا في آذار/مارس 2024، اتفاقية مدتها 5 سنوات لتوريد ما يصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميا من الغاز الإيراني.
وبرغم هذه الواردات، فإن العراق ليس بمقدوره ضمان إمدادات الكهرباء طوال 24 ساعة في كافة أنحاء البلد، خصوصاً خلال فترات ذروة الاستهلاك في الصيف، حيث يتخطى الطلب على الكهرباء 35 غيغاواط، أي ما لا يقل عن 10 غيغاواط أكثر مما يمكن تأمينه، وبالتالي فإن النتيجة هي انقطاع متكرر للتيار الكهربائي والاستخدام المكثف لمولدات الديزل الخاصة الباهظة الكلفة.
وقال التقرير إن هذا الوضع شجع صناع القرار السياسي على التفكير من جديد في كيفية الاستفادة من موارد الغاز الضخمة الموجودة على داخل العراق نفسه.
ولفت التقرير، إلى أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن تكون ذروة الطلب بحلول العام 2030 إلى ما يقرب من 60 ميغاواط، وأنه وفق فرضية أنه سيتم توليد 70% من الطاقة من الغاز، فإن ذروة الطلب على الطاقة ستترجم الى طلب على الغاز يتراوح بين 6 و8 مليار قدم مكعب.
وبينما لفت التقرير إلى أن تحسين وضع توليد الكهرباء يمثل الأولوية الأولى، نقل عن اخصائية الطاقة في شركة “ازور” الاستشارية جيسيكا عبيد، قولها إنه “على الرغم من أن العراق قام بتركيب قدرة إضافية لتوليد الطاقة، إلا أن الطلب أخذ في النمو جنباً إلى جنب مع الخسائر”.
وأشار التقرير البريطاني، إلى أن تحدي تطوير موارد الغاز المحلية الضخمة، قد أدى إلى تسليط الضوء بشكل كبير على قضية استقلال الطاقة، مضيفاً أنه فيما يتعلق بحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فإن هناك حاجة إلى تطوير خدمات الكهرباء القادرة على دعم النمو الاقتصادي، وتحسين الخدمات الحكومية وتحقيق أمن افضل.
وفي حين قال التقرير أنه من الناحية الإنسانية، فإن العراقيين يتحملون ثمناً هائلاً لهذا الوضع، فقد نقل عن الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال ماجد جعفر، والذي تعمل شركته على تطوير الغاز للاستخدام المنزلي في العراق منذ العام 2007، قوله إنه “في بلد تبلغ درجات الحرارة فيه إلى 50 درجة مئوية في الصيف، فإن توفير الكهرباء يشكل أمراً أساسياً للاستقرار والأمن الاجتماعي”.
وفي الوقت نفسه، ذكر التقرير أنه يجب إنهاء حرق الغاز المصاحب، موضحاً حرق الغاز المصاحب زاد من 12 مليار متر مكعب في العام 2012 الى حوالي 17 مليار متر مكعب الآن، وهو ما يضع العراق في المرتبة الثانية بعد روسيا، حيث ينبعث منه 30 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
وتابع التقرير قائلاً إنه من أصل حوالي 3.55 مليار قدم مكعب يومياً من الغاز المنتج في العراق، يتم احتجاز 2.1 مليار قدم مكعب يومياً ويتم حرق 1.4 مليار قدم مكعب في اليوم حالياً، مضيفاً أنه في حال حققت الحكومة هدف إنتاج النفط البالغ 6 ملايين برميل يوميا، فمن المتوقع أن يتم حرق نحو 2.2 مليار قدم مكعب يومياً.
وفي حين لفت التقرير إلى أن العراق لا يزال ثاني أكبر دولة تقوم بحرق الغاز في العالم، نقل التقرير عن عبيد قولها انه “سيكون انجازا كبيرا في حال تحققت خطط العراق لزيادة انتاج الغاز بحلول الاطار الزمني المتوقع بحلول العام 2030”.
ورأى التقرير، أن شركة نفط الهلال تعتبر جزءا من “تحالف بيرل” الذي ينتج حقل خور مور بطاقة 500 مليون قدم مكعب يومياً في اقليم كوردستان، وهو أكبر مشروع للغاز غير المصاحب في البلاد، والذي يعمل منذ أكثر من 15 عاما.
ونقل التقرير عن جعفر قوله إن “العراق يحتاج حالياً إلى 4 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز، لكنه يحتاج أيضاً إلى تطوير الحقول غير المرتبطة بها، سواء في اقليم كوردستان أو ديالى أو الأنبار أو البصرة”.
وتابع التقرير أن الطاقات المتجددة سيظل لها دور مهم تؤديه في المساعدة على تحقيق مهمة استقلال العراق في مجال الطاقة.
وخلص التقرير، إلى أن رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 30% من إمدادات الكهرباء بحلول العام 2030 من شأنه أن يساعد في الحد من الانبعاثات دون زيادة التكاليف، مشيراً إلى أن ذلك يساهم في تحرير 9 مليارات متر مكعب من الغاز للاستخدامات الأخرى بحلول العام 2030.
وختم التقرير البريطاني بالقول إن “السنوات المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لرحلة العراق نحو الاستقلال في مجال الطاقة، وخريطة الطريق لتحقيق هذه الطموحات واعدة”.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا