الأخبار

في محاضرته الرمضانية؛ السيد هادي المدرسي يقارن بين ملذات الدنيا والنعيم والأخروي

الهدى – قم المقدسة ..

يواصل سماحة المفكر والمربي آية الله السيد هادي المدرسي محاضراته الرمضانية، وذلك ضمن سلسلة دروسه في تفسير سورة الإنسان في حسينية الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بمدينة قم المقدسة.
وتناول سماحته خلال المحاضرة الخامسة عشر موضوع النعيم الأخروي ومقارنته بملذات الدنيا، مسلطًا الضوء على الفروقات الجوهرية بين الحياتين الدنيوية والأخروية.

وافتتح سماحته المحاضرة بتلاوة الآيات الكريمة: “ويُطافُ عليهم بآنيةٍ من فضةٍ وأكوابٍ كانت قواريرا، قواريرا من فضةٍ قدّروها تقديرًا، ويُسقونَ فيها كأسًا كان مزاجُها زنجبيلا، عينًا فيها تُسمّى سَلسَبيلا.” (الإنسان: 15-18)، مشيرًا إلى أن جميع النعم التي يبحث عنها الإنسان في الدنيا يجدها في الآخرة ولكن بأضعاف مضاعفة، وبصورة أرقى وأكمل.

وفي سياق حديثه عن الملذات الدنيوية، بيّن سماحته أن الإنسان يسعى في الدنيا وراء اللذات العابرة، مثل امتلاك الأموال والعقارات، إلا أن هذه الملذات تبقى محدودة وزائلة، على عكس النعيم الأخروي الذي يتميز بالديمومة والكمال.
واستشهد بحديث نبوي شريف: “من مشى إلى العالِمِ خطوتينِ، وجلسَ عندهُ لحظتينِ، وسمعَ منهُ مسألتينِ، منَ اللهُ لهُ جنتينِ، كلُّ جنةٍ أكبرُ من الدنيا مرتينِ.”

كما تناول سماحته الفروقات بين النعيم المادي والروحي، مؤكدًا أن الجنة ليست فقط دارًا للراحة الجسدية، بل هي أيضًا مقر للراحة النفسية والروحية، حيث يجد الإنسان السلام المطلق.

وأشار إلى أن معادلات الدنيا تختلف تمامًا عن معادلات الآخرة، موضحًا أن الإنسان في الدنيا يأكل للحاجة، بينما في الجنة يكون الأكل والشرب للمتعة فقط وليس بدافع الجوع أو العطش، كما أشار سماحته إلى عدة مفارقات بين الدنيا والآخرة تتجاوز مجرد الطعام والشراب، ففي الدنيا، يتعامل الإنسان مع العمل كضرورة لتحقيق العيش الكريم، ويتعب لتحقيق أهدافه، بينما في الآخرة يُنعم المؤمنون برزق دائم لا ينقضى ولا يحتاجون للعمل، إذ يُرزقون بثمار لا يشقون في جمعها، ويتنعمون بمتعة دائمة بلا تعب، كما أن في الدنيا، يسعى الإنسان في مساعي كثيرة لجمع المال، وقد يشعر بالقلق على مستقبله المالي، بينما في الآخرة لا يكون هناك قلق، فالرزق مضمون والجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

وأضاف سماحته أن البشر في الدنيا يواجهون الفتن والمشاكل التي تختبر قوتهم وصبرهم، ولكن في الآخرة تنتهي هذه الاختبارات، ولا وجود للهموم أو المساوئ، بل هي دار سلام وراحة، حيث تُرفع الهموم عن قلوب المؤمنين.
وأكد أيضًا أن الإنسان في الدنيا يعيش بين طموحات قد تتحقق أو تظل دون تحقيق، في حين أن في الآخرة كل أمل يُحقق وكل طلب يُستجاب بشكل يفوق التصور.

وفي مقارنة بين الملك في الدنيا والملك في الآخرة، أوضح سماحته أن السلطة الدنيوية مؤقتة وقائمة على المصالح، وقد يُخدع بها الإنسان ظنًا منه أنه يملك زمام الأمور، بينما الحقيقة أن الملك الحقيقي هو في الآخرة، حيث يكون الإنسان ملكًا دائمًا بلا قيود أو مؤثرات خارجية.

وختم سماحته محاضرته بالإشارة إلى أن الزمن في الآخرة يختلف عن الزمن في الدنيا، فالملذات هناك ليست مؤقتة أو زائلة، بل هي تراكمية ومتجددة، حيث تزداد لذة النعيم كلما مضى الزمن. واستشهد بحديث نبوي آخر: “إنّ أول ما يأكل الإنسان الذي يدخل الجنة لحم الحوت، وأول ما يشرب كأسًا من السلسبيل.” موضحًا أن لذة النعيم في الجنة لا تزول، بل تزداد وتتعمق بمرور الوقت.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا