فکر و تنمیة

الشباب وحصيلة الرحلة الرمضانية

نقف اليوم عند أواخر أو نهاية الشهر الكريم، رمضان المبارك بعد رحلة ثلاثين يوما متميزة بأجوائها ولياليها وطقوسها وزياراتها وأنشطتها العقائدية والدينية والثقافية المختلفة، ولا شك أن الشباب كان لهم حصتهم الكبيرة من هذه الفعاليات والمشاركة فيها طوال الأيام الثلاثين، وكنا تناولنا في سلسلة مقالات رمضانية تلك الأنشطة المختلفة التي قام بها الشباب في هذا الشهر الكريم، وهي أنشطة متميزة حتما.

واليوم ونحن نقف عند نهاية الرحلة الرمضانية المباركة، نتساءل ما هي المكتسبات التي تحققت للشباب، وما هي المستجدات التي حققها الشباب أيضا، فمن غير الممكن ولا الصحيح أن ندخل شهر رمضان ونخرج منه ونحن على نفس المنوال والشاكلة في الدِين والعقيدة والأفكار، ولا يمكن أن نخرج من هذا الشهر بنفس الدرجة من الوعي والثقافة، إذ لابد أن تكون هناك إضافات مهمة بعد الأجواء الرمضانية والنشاطات الشبابية سواء بشكل جماعي أو منفرد، فالتبادل في الآراء والأفكار والثقافات، والنقاشات التي تدور فيما بين الشباب لابد أن تخلق حصيلة مهمة ومن أهمها:

أولا: على الصعيد الديني والعقائدي

من المؤكَّد أن الشاب المؤمن الذي واظب بشكل متواصل على المشاركة في المجالس الرمضانية الدينية والعقائدية، قد حصل على إضافة مهمة من المعلومات الدينية التي تجعل مسيرته في الحياة أكثر وضوحا وإتقانا، كما أنه سيخرج من هذا الشهر بحصيلة عقائدية متجددة وأكثر وضحا ورسوخا، ومن أهمها التبحر في أحكام الشريعة السمحاء والسير في هديها والالتزام بها.

ثانيا: على الصعيد الثقافي

تُعقد في شهر رمضان ندوات ثقافية كثيرة، وحلقات نقاشية يساهم فيها الأجيال كافة، فيحضرها الكبار في التجربة والوعي والثقافة، ويحضرها الأقل منهم خبرة وثقافة، كما أن الحضور الشبابي في المحافل الثقافية التي تقام في شهر رمضان له حصته المهمة حيث يتزود الشاب في هذا الشهر من هذه المحافر بالكثير من المعارف والثقافات المفيدة التي تجعله أكثر فهما ووعيا بالحياة ومسالكها المختلفة.

لذا تعد الحصيلة الثقافية في شهر رمضان من أهم ما يمكن أن يحققه الصائمون وخصوصا فئة الشباب، كونهم في حاجة ماسة إلى تطوير رؤيتهم الثقافية ومعلوماتهم في المجال الثقافي حيث تصبح دروب الحياة أكثر وضوحا بعد الاطلاع على التجارب الثقافية الإيجابية الكثيرة التي يتم طرحها ومناقشتها في المحافل الثقافية الرمضانية.

ثالثا: على الصعيد الاجتماعي

تتمثل العلاقات الاجتماعية عبر حالات التواصل الفعلي الواقعي، وهذا الجانب هو الأهم على الرغم من انتشار وشيوع أنواع التواصل الإلكتروني والافتراضي بأنواع كثيرة ملأت رؤوس الشباب وعقولهم، ولهذا أصبحت الرؤية الشبابية في المجال الاجتماعي أكثر تعقيدا، ويحتاج الشباب إلى توضيح السبل التي تدعم العلاقات الاجتماعية فيما بينهم وترسم لهم الخطوات الصحيحة باتجاه تدعيم التماسك الاجتماعي ودور الشباب في هذا الجانب.

الشباب بعد أن أمضوا رحلة رمضانية ممتعة ومفيدة، لابد أن يكونوا أمام حصيلة متميزة ومفيدة من المعارف والتجارب والثقافات لاسيما في المجال الديني العقائدي وحتى الثقافي والفكري

لهذا تقدم المجالس الرمضانية الكثير من المقترحات والأفكار والتجارب الاجتماعية المفيدة جدا، بحيث تصبح هذه الأمور أكثر فهما بالنسبة للشباب، فيكون تفاعلهم الاجتماعي حاضرا ومهمًّا، ومساعدا في عمليات التماسك لبناء النسيج الاجتماعي القوي والمتين.

رابعا: على الصعيد النفسي  

يعاني الشباب في عصرنا الحالي من حالات قلق وتشتت فكري ويقيني، بسبب تعدد مصادر التيارات الفكرية والثقافية التي تتدفق عليهم وخصوصا في شبكة الإنترنيت والمنصات الإلكترونية، ولذا نلاحظ الشاب في حالة من التشوش وعدم اليقين، فتأخذه أفكاره ونظرته للحياة نحو متاهات مؤذية ليست في صالحه.

لذا يجب أن يكون الشاب مستقرا نفسيا في عصرنا القلق الملتهب، أما كيفية تحقيق الاستقرار النفسي فيأتي من خلال تعميق الثقافة الدينية العقائدية المعرفية والاجتماعية، فهذه الأركان التوعوية يحتاجها الشاب حتى يكون مستقرا من الناحية النفسية بعد أن تتوضح له الطرق التي يمكنه السير فيها دون أن يخشى العواقب أو النكبات.

الخلاصة أن الشباب بعد أن أمضوا رحلة رمضانية ممتعة ومفيدة، لابد أن يكونوا أمام حصيلة متميزة ومفيدة من المعارف والتجارب والثقافات لاسيما في المجال الديني العقائدي وحتى الثقافي والفكري، وهذه الحصيلة يمكنها أن تفتح للشاب آفاقا جديدة في مواصلة الحياة المعاصرة ومواكبتها، على أمل أن تتحول هذه الحصيلة المكتسبة في شهر رمضان إلى تجارب تطبيقية يستفيد منها الشاب في حياته ويفيد مجتمعه وأسرته وكل المقربين إليه.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا