الأخبار

هل سيصبح العراق بوابة للتجارة العالمية؟

الهدى – متابعات ..

يستعد العراق لاستعادة مكانته الاستراتيجية على خريطة التجارة العالمية من خلال انضمامه إلى نظام النقل الدولي (TIR).
وهذه الخطوة تمثل إعادة صياغة للواقع الاقتصادي، إذ يتيح الموقع الجغرافي المميز للعراق بين آسيا وأوروبا وأفريقيا فرصة لتوظيف هذه الميزة من أجل تعزيز دوره كمحور لوجستي عالمي.
وفي هذا الصدد، يقول المتحدث الرسمي لوزارة النقل، ميثم الصافي : “يشكل انضمام العراق لنظام النقل الدولي (TIR) نقلة نوعية في تاريخ النقل البري بالبلاد، حيث ننتقل من نظام تقليدي إلى منظومة نقل ذكية متكاملة مع المعايير الدولية”.
وأضاف الصافي، أن “النظام الجديد يعتمد على آلية عمل متطورة تشمل وثيقة جمركية موحدة تتيح عبور الشاحنات للحدود من دون الحاجة لإجراءات التفتيش المعتادة عند كل منفذ، مع ضمانات أمنية مشددة تشمل تقنيات التتبع الإلكتروني المتطورة وحاويات مختومة لا يمكن فتحها إلا في الوجهة النهائية”.
وتابع المتحدث: “لضمان نجاح التطبيق، قمنا بتحديث البنى التحتية في المنافذ الحدودية الرئيسية، وتركيب أنظمة حاسوبية متطورة، وتدريب مئات الموظفين الجمركيين، كما أبرمنا سلسلة من الاتفاقيات الثنائية مع الدول المجاورة لضمان التنسيق الكامل في التطبيق”.
وأشار الصافي إلى أن “النتائج الأولية للتطبيق التجريبي أظهرت مؤشرات إيجابية، حيث انخفض زمن عبور الشاحنات من أيام إلى ساعات، وتراجعت التكاليف الجمركية بنسبة 30 بالمئة، مع توقعات بزيادة التبادل التجاري بنسبة 40 بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة”.
وقال: “يوفر النظام آلية رقابية أكثر دقة، مع تسجيل كل حركة للبضائع إلكترونياً وإمكانية التتبع اللحظي عبر الأقمار الصناعية، مما يسهم في مكافحة التهريب والاحتيال الجمركي بشكل فعال”.
وبخصوص الإجراءات التنفيذية، ذكر الصافي أن “السلطات العراقية قد وقعت اتفاقية ضمان مع الهيئة العامة للجمارك والشركة العامة للنقل البري”، مؤكداً على “استكمال تحديث البنية التحتية الجمركية وتدريب الكوادر على استخدام النظام الجديد”.
وفي ما يخص الجوانب الأمنية، أشار المتحدث إلى أن “نظام TIR يوفر ضمانات مالية ضد المخاطر الجمركية، مع استخدام حاويات مختومة بأختام معترف بها دولياً لمكافحة التهريب والاحتيال الجمركي”.
وأعلن المتحدث أن “خطتنا المستقبلية تشمل كافة المنافذ البرية بالنظام خلال العام الجاري، وربطه إلكترونياً مع الموانئ البحرية الرئيسية، وإنشاء ممرات تجارية سريعة مع دول الجوار”. واختتم الصافي تصريحه بالقول: “هذا التحول الاستراتيجي يمثل نقلة في السياسة التجارية العراقية، حيث نتحول إلى مركز لوجستي إقليمي يستفيد من موقعنا الجغرافي الفريد، مع توقعات بأن يشكل حافزاً قوياً لانتعاش الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري العالمي”.
وفي غضون ذلك، أكد الخبير المالي والاقتصادي الدكتور صفوان قصي، أن الموقع الجغرافي المتميز للعراق، الذي يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، يمنحه فرصة استراتيجية ليصبح مركزاً تجارياً عالمياً. وأوضح لـ”الصباح” أن تطوير البنية التحتية وإعادة النظر في الرسوم الجمركية والضرائب على السلع العابرة يمكن أن يعزز الاستثمارات الدولية، ويدعم إنشاء مدن تجارية متخصصة.
وأشار قصي إلى أن اكتمال مشروع طريق التنمية سيتيح للعراق دوراً رئيسياً في حركة التجارة العالمية، حيث يمكنه تسهيل نقل البضائع بين القارات الثلاث، ما قد يرفع إيرادات العبور إلى نحو 4 مليارات دولار سنوياً، مع إمكانية نقل 99 مليون طن من البضائع عبر الأراضي العراقية.
وأضاف أن هذه التحولات الاقتصادية ستفتح الباب أمام استثمارات واسعة في قطاعات الزراعة والصناعة، مما يعزز الإنتاج المحلي ويجعل العراق حلقة وصل حيوية للتجارة الدولية. كما شدد على أهمية استقطاب الشركات العالمية، خاصة من كوريا الجنوبية، لتطوير التكنولوجيا والبنية التحتية اللازمة لدعم هذه الرؤية الطموحة.
كما أكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي، أن نظام الترانزيت العالمي يمكن أن يعزز موقع العراق كمركز تجاري محوري، مستفيداً من موقعه الاستراتيجي الذي يربط الخليج العربي وتركيا وإيران بسوريا والأردن وأوروبا. وأوضح لـ”الصباح” أن تطوير ممرات النقل وتحسين الربط البري والبحري، والجوي مع الدول المجاورة سيحول العراق إلى محطة عبور رئيسية، مما يعزز دوره في التجارة الدولية ويزيد من ثقله الجيو-اقتصادي في المنطقة.
وأشار العبيدي إلى أن تطبيق نظام الترانزيت سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الجمركية وتنشيط الاستثمارات في قطاعات النقل واللوجستيات، والتخزين، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة. كما سيسهم في تأسيس مناطق تجارية حرة تعزز من جاذبية العراق للاستثمارات الأجنبية، مما يدفع باتجاه تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة.
وأوضح أن زيادة الطلب على خدمات الترانزيت ستؤدي إلى تحسين البنية التحتية من خلال تطوير الطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، إضافة إلى تحديث الأنظمة الرقمية لإدارة الجمارك والخدمات اللوجستية. هذا التطوير سيساعد، بحسب العبيدي، على رفع كفاءة سلاسل الإمداد وتقليل التكاليف التشغيلية، وتعزيز قدرة العراق على التعامل مع البضائع بفعالية أكبر.
واختتم حديثه قائلاً: ان نظام الترانزيت يمثل فرصة لتنويع الاقتصاد العراقي، إذ يمكن أن يصبح مصدراً رئيسياً للإيرادات غير النفطية. فمع زيادة حجم التجارة الإقليمية والدولية، يمكن للعراق تحقيق دخل مستدام من خدمات العبور والتخزين والنقل، مما يُسهم في تقليل الاعتماد على القطاع النفطي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا